عندما أقول إننا مجتمع يوقّر الكبير دائماً¡ ويضعه في مكانه اللائق احتراماً وتقديراً¡ فهذا ليس بالغريب أو الجديد¡ تقاليدنا الأصيلة الضاربة في جذور التاريخ¡ تجذر لذلك¡ وتصرفات وسلوكيات مواطنينا من قمة الهرم إلى القاعدة العريضة تأخذ بهذا المنهج الأخلاقي القويم.
وما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي¡ قبل أيام¡ من صور لرمز الأمة وقائدها¡ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز¡ وهو يقبّل يد شقيقه الأكبر الأمير بندر بن عبدالعزيز¡ بعد الانتهاء من مراسم دفن الراحل¡ الأمير تركي بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ أعاد لواجهة المشهد الإنساني العام قيمته الكبرى¡ وفي لحظة شديدة الخصوصية.
فالمشهد العفوي والرائع¡ جسَّد أسمى معاني الاحترام والأخوة الصادقةº بعيداً عن البروتوكولات الرسمية شديدة الحساسيةº حيث أضفت الصورة عمقاً كبيراً جاء من قمة الهرم القيادي الذي تناسى المنصب الرفيع¡ وانحنى في ذروة دفقة شعورية وإنسانية خالصة¡ تترجم المعنى السامي جداً¡ بمشاعر الأخ المحب وليس مجرد الملك والقائد.
هذه الرسالة المهمة التي أرسلتها اللقطة العفوية¡ وجب أن نتوقف عندها جميعاً¡ لنرى أنفسنا أمام تصرّف أخوي خاص جداً¡ يمثل درس الأخلاق الأوّل الذي يجب أن نتحلى بنموذجه¡ ونقتدي به في كل تصرفاتنا وسلوكياتنا الحياتية.
ليتنا نفهم أن الشعور الأخوي الصادق¡ قيمة كبرى¡ تفوق كل التعابير والتعليقات¡ وليتنا نفهم جميعاً أن للأخ الأكبر مكانة خاصة في قيمنا الدينية وتقاليدنا الأخلاقية¡ وهذه كلها تحتاج ترسيخها وتجذيرها ـ كغيرها من القيم الإنسانية الأخرى ـ في عالم يموج بكثير من التقاليع الغريبة والمريبة.
قُبلة القائد والرمز¡ على يد شقيقه الأكبر¡ دعوة إنسانية ممزوجة بالتوقير¡ لكل مواطن¡ يرى رمزه الأول¡ يجسد هذا السلوك الرفيع¡ للاقتداء بهذا النموذج الإنساني الرحب¡ ويعيد البوصلة لتكون أكثر إشعاعاً وتوهجاً.
قبلة الملك¡ إشارة واضحة لحجم التواضع الجمِّ¡ الذي لا يخجل أبداً في كسر كل البروتوكولات¡ لينحني أمام شقيقه الأكبر¡ في لحظة أحسّا فيه بعظم الفقد لشقيق آخر¡ فكانت الدموع التي حاول الملك أن يحبسها ترجمة لمكنون الشعور النادر بحرارة الوداع.
رحم الله الأمير تركي بن عبدالعزيز¡ وحفظ الله سلمان بن عبد العزيز¡ ابناً باراً وشقيقاً متواضعاً¡ ونموذجاً رائعاً لمكارم الأخلاق.




إضغط هنا لقراءة المزيد...