يكون الاقتصاد أكثر "مرونة" وقدرة على امتصاص الأزمات والتقلبات الاقتصادية حين يكون لديه القدرة على تنويع مصادر الدخل¡ فنحن نرى الأن أن نمو الدخل "غير النفطي" كان عام 2016 بلغ 199 مليار ريال ليكون متوقعا أن يحقق 212 مليار ريال أي ما يشكل ما يقارب 30% من الإيرادات المتوقعة لعام 2017 البالغة 692 مليار ريال¡ هذه الوتيرة من النمو في الإيرادات¡ ليست ضريبة على المواطن كما صرح وزير المالية أنه ليس هناك ضريبة على المواطن حتى 2020 بوضوح تام¡ ولنكون أكثر دقة أن ما يحدث الأن هو "إعادة" تسعير للخدمات التي تطال الجميع "المواطن والمقيم" على حد سواء¡ فالماء والكهرباء والمشتقات النفطية للوقود لم تفرق بين مقيم ومواطن طوال تاريخ المملكة¡ والآن سيعاد النظر بها لبعض منها وليس جميعها من خلال الحساب الموحد للمواطن الذي سيدعم من خلاله المواطن لمواجهة الإصلاحات السعرية¡ والتي كانت تكبد الدولة مئات المليارات¡ ولن يكون هناك وصول للمستويات المقبولة سعريا إلا بعد سنوات وتدريجيا¡ وهذا جيد لكي يستوعب الجميع حجم التغييرات.
الأهم هناك أيضا خلق الاقتصاد "المرن" الذي يضع الاقتصاد السعودي غير خاضع لتأثير أسعار النفط¡ والتي من خلاله يحدد مستوى النمو الاقتصادي للبلاد¡ وهذا الأن ما يتم تصحيحه¡ بحيث تنزع الدولة عباءة والمظلة التي تعتمد عليها ليصبح اقتصاد أكثر اعتمادية على ذاته¡ ولا يعني أن تخرج الدولة كليا بالطبع¡ وستظل الدولة موجودة¡ بالصحة والأمن والتعليم والبلديات وغيرها مما يخدم رفاهية المواطن¡ ولكن الحديث عن حزمة تخصيص للكثير من القطاع مطلوبة¡ وأن تكون هناك شراكة مع القطاع الخاص كمشاريع الإسكان أو الصحة أو التعليم والمطارات والموانئ وغيرها¡ بشرط الالتزام لكل الإطراف ماليا وإداريا¡ كما فعلت بالسداد للمقاولين بمبلغ يتجاوز 100مليار ريال¡ وبقي مثليها¡ وهذا الالتزام المستقبلي بوقته سيدعم القطاع بدون تأخر في الدفوعات¡ مما يعزز الشراكة مع القطاع الخاص.
توجه الاقتصاد السعودي لكي يكون أكثر انضباطا في الاستهلاك¡ وتقييم الخدمات سيكون محوريا للمستقبل ويحافظ على ثروته من الهدر الكبير ماليا¡ وسيغير كثيرا من سلوكيات المواطن والمقيم ليعيد حساباته¡ وهذا أحد الأهداف¡ فحتى حين نرشد ونستهلك بطريقة صحيحة سنجد أننا لم نفقد الشيء الكثير أو بتكاليف مضافة¡ نحن بحاجة لنغير أيضا سلوكنا الاستهلاكي¡ وندرك أنها مرحلة وانتهت لمستقبل أفضل.




إضغط هنا لقراءة المزيد...