يرى العديد من علماء الإدارة أن النجاح في تخصصهم يكمن في ترتيب الأسبقيات وفقاً للظروف ومعطيات الحاضر¡ وهو ما يذهب إليه جزء آخر منهم عبر تأكيدهم بأن المدير بحاجة إلى رؤى واضحة لمؤسسته واتجاه سيرها¡ مبينين أن الرؤى تبقى بدون فائدة إذا لم تعمم بطريقة تولد الحيوية والالتزامº فالقيادة والتواصل أمران لا ينفصمان.
والتواصل المراد به هنا التواصل بشقيه الداخلي والخارجي¡ فعلى المؤسسة أن تعرف احتياجاتها الداخلية وترصدها بصورة دقيقة وواضحة ثم عليها أن تبدأ في النظر إلى الخارج ووضع رؤية تتوافق مع ما تمتلكه من إمكانيات بشرية ومادية لترسم خطوات واضحة المعالم لتصل إلى الهدف أو النقطة التي تريدها¡ فلا أسوأ من السير إلى المجهول أو الانطلاق باتجاه المستقبل دون رسم ملاحم المرحلة القادمة¡ سواء كان الحديث عن دولة أو أحد مؤسساتها أو شركة خاصة¡ فالمستقبل لن يرحم من لا يأتيه مستعدا.
ولا يمكن لنا أن نمضي إلى المستقبل إذا ما نسينا أو تناسينا دور العلم والمعرفة¡ فهي المكونات الرئيسية التي ستقدونا إليه¡ خصوصا أننا نملك عنصرا مهما في تركيب أي دولة¡ وهو الشعب الذي تقدر الإحصاءات الرسمية أن غالبيته من فئة الشباب مما يشكل ضغطا كبيرا على الجانب التعليمي وعلى المدراس والجامعات¡ فهي المسؤول الأول عن تخريج جزء منهم وتأهيلهم بالعلوم والمهارات اللازمة ليقودوا البلاد في الأعوام القليلة القادمة.
كل تلك المسؤوليات على عاتق الجامعات تتطلب منها الحرص على توفير كافة السبل والكوادر البشرية والتقنية لكي تنافس في المجال بصورة حقيقية بعيدة عن التصنيفات الجانبية التي لا تغني ولا تسمن من جوع¡ فالمعيار الحقيقي للجامعة هو بمخرجاتها وبمراكز أبحاثها فلا يهم المساحة والحجم وحتى عدد الطلاب والتخصصات¡ هذا السوق الكبير والتنافسي يلزم الجامعات بميزانيات ضخمة لكي توفر كل الشروط الواجبة للدخول في هذا المعترك المهم والمطلب الملح الذي تفرضه معطيات الحاضر وتوقعات المستقبل.
تلك الميزانيات من الصعب أن تعتمد بشكل كامل ودائم على دعم حكومي¡ خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية والتحول الكبير الذي تقوم به الدولة للمضي في "رؤية 2030"¡ وإعلانها صراحة في أكثر من موقف أنها تدعم شراكات القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وأنها تدعو مؤسساتها إلى البحث عن موارد مالية مختلفة.
هذا النموذج من الشراكة المنشودة وخصوصا في الجامعات ليست اختراعا سعوديا جديدا¡ بل هو نموذج عالمي يعمل به في أغلب دول العالم¡ وخصوصا التي تمتلك جامعات قوية ومميزة¡ فالاستقلال المالي يمنح لإداراتها حرية التحرك في فلك البحث العلمي واستقطاب الكفاءات العلمية والمهنية¡ كثيرة هي الصور والمداخيل التي يمكن للجامعات التطرق لها¡ إلا أن الخطوة الأولى تكمن في عقد ورش عمل داخلية لمعرفة مكامن القوة والكسب¡ تليها عقد ورش خارجية مع كبيرات الأسماء المحلية والدولية للدحول في شراكات مالية.




إضغط هنا لقراءة المزيد...