حمى التنافس للفوز بلقب الأفضل تدفعني دائماً إلى التساؤل عن ماهية هذا المسمى بـ"الأفضل" ذلك المحصور بين خيال وفكرة ضبابية غير مكتملة النمو¡ نعيش الحضارة بمفاهيمنا الضيقة لا بمفهومها الواسع وهذا يجعلنا عرضة لهزات نفسية واقتصادية واجتماعية فنصبح فاقدين للإحساس لأننا بلا خيال أو أحلام فالحلم في النهاية نوع من التخطيط¡ أيضا لم نتعود على استشراف المستقبل وتخيل أنفسنا بداخل دهاليزه ومتاهاته¡ والخوف من المستقبل هو خوف من الحياة¡ فالحياة في تغير دائم وأي شيء ممكن أن يحدث وكل ما نفعله هو مخاطرة أو مغامرة إلى حد ما¡ فإذا كنا لا نستطيع أن نتحكم في العالم من حولنا فإنه بمقدورنا أن نتحكم في أنفسنا وتفكيرنا حتى نجد ما نصبو إليه. وعندما نتحدث عن الماضي فهو فعل وانتهى وهذا أجمل ما فيه¡ ولكن هناك ما هو أفضل أن نفكر ونركز فيه اهتمامنا وهو الحاضر¡ فالحاضر هو أنت وهو جدير بالانشغال والتفكير فيه¡ لذلك لا بد أن ننشغل في حاضرنا وما ننتج فكرياً وثقافياً فهي الشاهد الذي سيبقى لنا أو ضدنا¡ وقد شدني التصاعد في إنتاج الشبابي من الكتب والرواية على وجه الخصوص سواء أكانت كتباً ورقية أم إلكترونية هذا التصاعد اللذيذ من وجهة نظري هو تصاعد صحي لجيل يبحث عن الحرية والانتماء¡ فللكتابة خاصية الخروج من أفق الواقع إلى أفق الخيال الأرحب¡ إلا أن أفق الخيال له قوانينه وليس كله حرية¡ فالروايات الشبابية أغلبها ليس لها طابع خاص¡ أو بصمة تميزها عن الأخرى¡ بعضها أتى كسيرة ذاتية¡ والبعض الآخر وصف مواقف وأحداث في الحياة¡ والقليل منها تجد فيها فكرة تشدك وتثير خيالك¡ إلا أنهم اتفقوا جميعاً على رؤية ذواتهم من خلال ما يكتبون¡ فهؤلاء الروائيون يكتبون أحاسيسهم المرتبطة بذواتهم¡ وكما يقول كولن ولسون: إن الرواية هي في الأساس نوع من مرآة الحلم التي يحاول فيها الروائي أن يعكس نفسه الجوهرية. أيضاً يمكن اعتبار كثرة هذه الروايات هي تجارب فكرية للشباب تطلعنا عما يدور بداخلهم واكتشاف قوانينهم العقلية¡ وهذا الزخم الذي بدأ يتراكم يوماً بعد يوم من الروايات الشابة للجنسين هي شيء جميل يجب إفساح الطريق له وتفهمه كما هو ومحاولة تشجيع الروائيين ليتميزوا ويفكروا ويبدعوا¡ وإلا فما الذي يميز ديكنز عن تولستوي أو جين أوستن عن بلزاك¿ إنها الأفكار والعبور إلى ما وراءها والوصول إلى الصفاء الداخلي لفهم ما يكتب فعلى الرواية أن تسعى إلى فهم هدفها وهو تحقيق الوعي بجميع أبعاده. قد يكون البعض من هؤلاء باحثين عن الشهرة وليس الأدب هو الهدف بحد ذاته¡ و لا أستطيع الجزم¡ إلا أن الشهرة هي رغبة¡ مثلها مثل الرغبة في تحقيق ثروة أو أي رغبات أخرى¡ وهي حق مكتسب وأحياناً تكون كمكافأة من وجهة نظري على جهد مبذول أخذ حقه من النضج.




إضغط هنا لقراءة المزيد...