هذه الميدالية التي منحتها الاستخبارات الأميركية لسمو ولي العهد وزير الداخلية مستحقة¡ لأن تذهب للسعودية التي أدركت قيادتها¡ وبتوازن شديد أنه يجب عليها التصرف وفق مسؤولياتها المجتمعية¡ والإقليمية¡ والدولية¡ وسيادتها السياسية..
عندما يتحدث العالم عن محاربة الإرهاب¡ يبرز بشكل لافت اسم المملكة العربية السعودية¡ الدولة التي قدمت للعالم تجربة مميزة في الحرب على الإرهاب في جوانبها الأمنية والسياسية¡ فمنذ بروز ظاهرة الإرهاب في ثمانينيات القرن الماضي¡ والسعودية تقدم نماذج استثنائية جعلت العالم كله يؤمن بأن تجربة السعودية في معالجة هذه الظاهرة¡ أصبحت نموذجا دوليا لتميز ما قدمته السعودية¡ وحصلت بموجبه على تقدير دولي وإقليمي.
وعندما تسلم ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ميدالية "جورج تينت" التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب¡ اتضح جليا أن العالم كله بلا استثناء يدرك حجم العمل الذي تقدمه السعودية في سبيل محاربة هذه الظاهرة.
هذه الجائزة مستحقة ليس لأنها السعودية¡ ولكن لأن ما بذل من السعودية في مواجهة ظاهرة الإرهاب في بيئات محيطة وقريبة تعاني من شدة التطرف هو أمر استثنائي¡ تفوق في تنظيماته وإستراتيجياته ما تقدمه أكثر الدول تطورا في مجال الأمن¡ منذ عقود مضت استطاعت السعودية بقيادتها وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- أن تكون الأبرز دولياً في الحرب على الإرهاب.
الحديث عن ولي العهد الأمير محمد بن نايف¡ يقودنا إلى تجربة دقيقة سطرها سموه تستوجب التوقف: فما الذي فعله الأمير محمد في ظل توجيهات القيادة السعودية للحرب على الإرهاب¡ وللوصول بالمملكة إلى هذه المكانة من التميز¡ مع أن السعودية واجهت الكثير من الاتهامات حول سلوكها الديني¡ على المستوى الاجتماعي كونها الدولة الإسلامية الأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي كله¡ ومع كل ذلك بقيت السعودية بسياستها ودون ارتباك¡ أو تأثير من كل ما يقال في هذا الشأن¡ واستطاعت أن تقدم نفسها الدولة الأكثر حربا على الإرهاب في العالم.
لقد بلورت السعودية نماذج مميزة من الأداء الأمني المتطور¡ الذي في حقيقته أبهر العالم¡ وانعكس ذلك جليا في كلمة سمو ولي العهد عند تسلمه ميدالية "جورج تينت"¡ عندما "أكد رفض السعودية وإدانتها وشجبها للإرهاب بكافة صوره وأشكاله¡ أيا كان مصدره وأهدافه" حيث طالب سموه أن تتضافر الجهود الدولية من أجل بناء مسار مشترك لمواجهة الإرهاب "أمنيًا وفكريًا وماليًا وإعلاميًا وعسكريًا¡ وفقًا لقواعد القانون الدولي والمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة¡ وفي مقدمتها مبدأ المساواة في السيادة".
أدركت السعودية بشكل واضح عندما بدأت مشروعاتها الاستراتيجية في الحرب على الإرهاب¡ أنه لابد من الأخذ بعين الاعتبار تلك التداخلات التي يمكن أن تنشأ في قضايا السوسيولوجيا الدينية¡ فالسعودية قلب العالم الإسلامي ومحط أنظاره¡ وهذا تطلّب منها مشروعا مبتكرا يصعب إنجازه¡ في غير السعودية¡ التي تدرك أن التعامل مع معادلة الإرهاب في مجتمعات تدين بذات الدين الذي يتطرف الإرهابيون تحت اسمه.
هذه المعادلة صعبة ومعقدة¡ ولو لم تتم إدارة مواجهة الإرهاب بهذا التميز¡ وهذا المشروع الأمني والفكري الذي تبنته السعودية¡ لكانت النتائج وخيمة¡ فقد واجهت السعودية في سبيل حربها على الإرهاب تحديات كبرى على جميع المستويات الداخلية والخارجية¡ وتعاملت مع كل الأفكار والمسارات الإعلامية بتوازن كبير¡ بعيدا عن الاندفاع غير المنضبط أو التراجع غير المسؤول.
هذه الميدالية التي منحتها الاستخبارات الأميركية لسمو ولي العهد وزير الداخلية مستحقة¡ لأن تذهب للسعودية التي أدركت قيادتها¡ وبتوازن شديد أنه يجب عليها التصرف وفق مسؤولياتها المجتمعية¡ والإقليمية¡ والدولية¡ وسيادتها السياسية¡ وقد كان هذا الانضباط في القرار السعودي السياسي والأمني سر هذا التفوق¡ حيث فتحت السعودية أبوابها للعالم¡ وتعاونت مع الجميع من أجل الشراكة في الحرب على الإرهاب¡ وفق توزان استراتيجي يحارب التطرف في بيئات متداخلة أيديولوجياً وسسيولوجياً.




إضغط هنا لقراءة المزيد...