تتصدر السعودية دول العالم التي اكتوت بنار الإرهاب¡ بعدما غررت قوى الظلام بفئات من أبنائها حدثاء الأسنان وصنعت منهم قنابل بشرية ألقت بها في شوارعنا على مدار نحو عقد من الزمانº بدأ عام 2003 بتفجير مجمع المحيا السكني¡ وانتهى عام 2011 بتركيع الإرهاب على أرض بلادنا¡ بأيدي رجال أمنها البواسل¡ ما يجعلنا نقول مطمئنين إن بلادنا تتصدر أيضاً دول العالم التي اكتوى الإرهاب بنيرانها¡ وليس أدل على ذلك من مساعي دول كثيرة حول العالم للاستفادة من تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب.
لقد دفعت المملكة ثمناً باهظاً من أمنها واستقرارها وموازناتها وبرامجها التنموية في مواجهة إرهاب أسود استهدف مقدرات بلادنا ومنشآتها الأمنية والحكومية والسكنية¡ إذ بلغ عدد الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها المملكة حتى عام 2011م بحسب بعض التقارير حوالي 98 عملية إرهابية¡ راح ضحيتها أكثر من 90 شخصاً من المدنيين¡ ومئات المصابين¡ فيما تكبَّدت الأجهزة الأمنية خسائر بشرية بين منسوبيها بلغت حوالي 65 شهيداً¡ فضلاً عن مئات المصابين أيضاً من رجال الأمن.
وفي الوقت الذي تركت فيه مخالب الإرهاب ندبات لا تنسى في الذاكرة السعودية التي عانت تلك الهجمات المفتوحة على مدن المملكة ومواطنيها ومقيميها¡ تركت المملكة في الذاكرة العالمية¡ بل في ذاكرة الجماعات الإرهابية نفسها بصمة لا تنسى¡ تمثلت في حزمة خطوات نوعية تعرف عالمياً بالإستراتيجية السعودية اللينة لمكافحة الإرهاب¡ الإستراتيجية التي أصبحت أنموذجاً يستلهمه عدد من دول العالم المتقدمة.
وحين أدركت السعودية أنها في مواجهة تنظيم دولي له أذرعه الأخطبوطية التي تمتد إلى كثير من دول العالم¡ ومنها الولايات المتحدة الأميركية نفسها¡ سعت إلى حشد قوى العالم في مواجهته¡ فاستضافت المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في 5 فبراير 2005م بمشاركة أكثر من 50 دولة ومنظة دولية وإقليمية وعربية. ودعا الملك عبدالله -رحمه الله- حينها إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة¡ وبالفعل في سبتمبر 2011م¡ وبعد سنوات من الجهود¡ وُقّع اتفاق يتعلق بالمساهمات بين الأمم المتحدة والبعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة لإنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
وما فتئت المملكة تطارد فلول الإرهاب على أرضها وتساند الجهود العالمية الساعية إلى حصاره حتى احتلت المرتبة الأولى عربياً¡ وأحد المراكز العشرة الأولى في ترتيب دول مجموعة العشرين في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بحسب تقرير دولي اعتمدته مجموعة العمل المالي "الفاتف" ومجموعة العمل المالي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "المينافاتف" عام 2010م.
ولا يتسع المقام أبداً لسرد قائمة طويلة من الجهود التي بذلتها المملكة لكسر شوكة الإرهاب ليس على أرضها وحسب¡ بل خارج حدودها¡ ولاسيما في دول الجوار العربي¡ حتى تسهم في تجنيب الأشقاء العرب ويلات الإرهاب الذي اصطلت بلادنا بناره¡ ولإيمانها بأن جهد بلد بمفرده غير كاف لحصار هذا السرطان البشري. وما زالت المملكة تتأذى وتتألم لكل أذى يطول جسد بلد عربي من جراء هذه العناصر المتجردة من الإنسانية¡ وتصب إداناتها على كل مقترف لهذا الإثم¡ كائناً من كان¡ وأقرب ذلك إدانتها بأقوى العبارات كل تفجير إرهابي يطول العراق الشقيق الذي تدمي جسده الهجمات المتتالية لقوى الظلام منذ سنوات¡ نسأل الله أن يرفع بأسها عن إخوتنا في العراق. والمملكة إذ تدين كل طعنة خائنة للإرهاب في جسد العراق¡ لا تفرق بين يد وأخرى تمسك بهذا الخنجر أو ذاك¡ فأياً كانت وجهة التفجيرات¡ وأياً كانت هوية الفاعل¡ فما يعني المملكة¡ ويفترض أن يعني أي عاقل¡ أنها جميعاً في جسد العراق¡ وأن من يدفعون الثمن في كل مرة.. أبرياء. أيضاً تعي المملكة تماماً أن الإرهاب لا صديق له.




إضغط هنا لقراءة المزيد...