تطورت مفاهيم وأنشطة الترويح في المجتمعات الإنسانية تبعاً لمتغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية تنبه إليها المحللون النفسيون والاجتماعيون. وترتبط قيم الترويح بالتراث الثقافي المعنوي والمادي المستمد من مصادر دينية وثقافية وشعبية. ولعل المظان الفقهية تنوء بأحمال تنظيم الفضاء العام¡ بالأسواق والساحات¡ وهذا من المسؤوليات الاجتماعية¡ في كونها متأهبة قيد الاحتياجات المجتمعية بما يجعله مؤمّناً بالمقبول بما لا يخالف القيم والمبادئ والأفكار العامة.
وعلى أن تخطيط المدن العربية الإسلامية روعي فيه أمور الدنيا والمال والاجتماع إلا أنه لا يرفع تلك المسؤولية عن المباشرة من الجميع. وبما أن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تفرض شروطها في الزمان والمكان فلا تستقر ولا تتجمد¡ فهي تتحرك باحتياجات المجتمع وتطلعاته بين الكفاف والرفاه¡ فالسبيل بينها وبين الممكن تحكمه أسباب ضغط الحاجة وعوامل تجنّب المحظور.
وبحسب علماء النفس والاجتماع¡ ومؤرخي الحياة الاجتماعية¡ في الوصف والتحليل لمفاهيم اللهو أو الترويح أو الترفيه -حالياً- في الحضارة العربية الإسلامية¡ بقرونها المتوالية¡ المنتجة خزيناً كبيراً يتمثل في الفنون الأدائية والحركية والقولية¡ سواء في الألعاب الشعبية أو الرقصات الاحتفالية أو الأهازيج المناسباتية أو الموسمية¡ وتندرج بينها مستجدات الفنون في القرن العشرين كالأغنية أو الفيلم أو المسرحية ونحوها¡ فإن تلك المفاهيم تتغير¡ سواء في عناصرها الثقافية «الأدبية والفنية» أو عواملها الاجتماعية والاقتصادية¡ مرتبطة بالحاجات الاجتماعية وتطلعاتها مع تطورات تتعلق بالفئات أو الطبقات أو الجماعات¡ وتتداخل مع عوامل بيئية أو إقليمية أو دولية¡ فلا تعدم القوة والضعف في الأثر والتأثير إن داخلياً أو خارجياً.
إذ تتطور طرق اللعب والتسلية كذلك أساليب الترويح والترفيه¡ لتكون تنفيساً منظماً للفئات العمرية والجماعات المختلفة ضمن المجتمع الذي تتعدّد احتفالاته ومناسباته بحسب القدرات والكفاءات كذلك الحاجات والإمكانيات.
ولا يخلو الأمر من متطلبات رعاية المواهب المنتجة لتلك الطرق والأساليب كما يتوجب تأهيل الكوادر العاملة في خدمات تنظيمها وتفعيلها.
وما توصلت إليه دراسة لعالم الاجتماع عبدالله السدحان¡ حول مفهوم الترويح: السعة والانبساط¡ تحت عاملي الزيادة: وقت الفراغ¡ دخل الفرد¡ بأن احتياجات الفرد السعودي تبدلت فتراجعت أساليب الترويح التقليدية لتحل محلها وسائل جديدة متجاوزة معطيات البيئة المحدودة ومتطلعة إلى مزيد يحتاجه الجيل الجديد.
إن أنماط الترفيه أو الترويح¡ سواء كانت من هواة أو محترفين¡ فالأوائل عبور وتأسيس¡ وأما الآخرون فتلزمهم إدارة وتنظيم وتراكم ينمو حثيثاً لا بوار في أرضه¡ ولا فساد في ثمره.
ولنا في مقالة لاحقة عن مشاريع الترفيه.




إضغط هنا لقراءة المزيد...