في الثقافة العربية¡ على مستوى الصحافة في القرن العشرين¡ لا يحفظ أرشيفها الشؤون النسوية إلا بأمرين¡ الأول فضيحة الأسرار الشخصية¡ والثاني فضيلة الرثاء. ولم تحظ تلك الكتابات الصحفية¡ مروية مباشرة من صاحباتها¡ أو مسخرة بخيال كاتبيها¡ بمشروعية أو باهتمام واسع سوى بإقدامٍ ريادي من الممثلة مريم سماط «مولودة 1890» -مصرية قبطية- بنشر سلسلة حلقات بعنوان «مذكرات ممثلةþ-þ التمثيل العربيþ» «جريدة الأهرام¡ 1915» وذلك إثر اعتزالها بضغط من الكنيسة¡ فهي بدأت التمثيل عام 1907 مع فرق مسرحية عدة لإسكندر فرح وأبو خليل القباني وأولاد عكاشة وجورج أبيض وسلامة حجازي.
وقد تلا ذلك أن نشرت الممثلة والمغنية فاطمة سري «مولودة 1904» مذكرات زواجها السري بمحمد شعراوي ابن هدى شعراوي ومطالبتها بحق حضانة ابنتها في «مجلة المسرح¡ 1926». ودفعت هذه الكتابات الصحفية إلى حضور كتابة تطهرية أو تبجيلية¡ فقد نشرت نعمات أحمد فؤاد مذكرات لأم كلثوم «1952» واستكمل بعدها الصحفي علي أمين نشر حلقات في مجلة حتى 1964¡ وكانت الأساس لكتابها «أم كلثوم وعصر من الفن» «1976».
وأطلقت الممثلة والصحفية الكبيرة فاطمة اليوسف «1897 - 1958» –والدة الروائي إحسان عبد القدوس- كتابها «ذكريات» 1956 لتتحدث عن مرحلتين في حياتها المهنية بين التمثيل «1917-1924» والصحافة «أصدرت مجلة روز اليوسف 1925»¡ وهي تاريخ ثقافي للثلث الأول من القرن العشرين من حياة القاهرة.
وقد عادت سيرة الشؤون النسوية مجدداً إلى المقدمة بسبب الفنانة وسيدة الأعمال بديعة مصابني «1892 - 1974» حين نشرت «مذكرات بديعة مصابني» «1960» التي دونتها وصاغتها نازك باسيلا¡ لتكرس الاعترافات الشخصية لها ولسواها بالتجني الواضح على سواها.
ولم تتوقف الكتب عن كثير من رموز الثقافة العربية¡ بقدر ما تكدست الخيالات المريضة عند كتابها كثرت الكتب التي تدعي وصلاً بأصحابها¡ والأمثلة واضحة بما يخص شخصيتين شهرتين¡ هما أسمهان وسعاد حسني.
ويأتي كتاب «مطربات بلاد الشام: تراجيديا الحياة والفن والسياسة» للقاص والصحفي محمد منصور¡ في هذا الطور ليختار سبع فنانات «أسمهان¡ سحر¡ فايزة أحمد¡ كروان¡ سعاد محمد¡ ربا الجمال¡ وفيروز»¡ ويمهر الكتاب بمقدمة الروائي فواز حداد بتبخير مجاني لقضية العذاب مكافأة الوجود الثقافي¡ والخلط بين تلك المعاناة الواجبة لأي مبدع في حقل الثقافة¡ أي الطموح والإنجاز¡ وبين تلك الظروف المسيرة لمواهب بإرادة معدومة ومنجز محدود¡ وللظروف القاهرة فصل في أمورها لكن ثمة من يتحداها.
على أن أقدار الشخصيات متمايزة¡ فإن الجمع بين المتناقض لا يتمايز!.




إضغط هنا لقراءة المزيد...