أعلن معالي وزير العمل قصر العمل في المولات على السعوديين. ما الذي سينتج عن قرار كهذا¿ في حال تضييق الرؤية سنرى أن وظائف كثيرة سوف تتحول إلى المواطنين. وتنخفض مشكلة البطالة.
هذا القرار أكبر من شكله الخارجي. تحول ثقافي عميق سنرى تبعاته على المجتمع في سنوات قليلة جدًا قادمة.
كان السعودي لا يلتقي بالسعودي إلا في الدوائر الحكومية. الموظف الحكومي يتحرك بقيم عمل راسخة تقدم له الحماية أكثر مما تطلب منه إنتاجاً. الوظيفة الحكومية للموظف وليست لمن يعمل الموظف من أجله.. يعني بالشعبي يتصرف الموظف الحكومي كأنه يعمل "في حلال أبوه". قبل أن تبدأ التأفف أسارع إلى القول إن هذه طبيعة الموظف الحكومي في أنحاء العالم بما في ذلك أميركا وغيرها من الدول.
في أيامنا هذه بدأ العامل السعودي يواجه عالماً جديداً. عليه أن يكون مطواعاً يخدم الناس أو يرحل. سيعيد النظر في قوته وجبروته ليأكل عيشاً. النقطة الثانية والأهم سيعمل إلى جانب امرأة سعودية مثلها مثله وقد تكون رئيسته. سينتقل الإنسان السعودي من وهم المرأة إلى المرأة الحقيقية.
الرجل السعودي بصفة عامة يتبنى في ثقافته صورتين مختلفتين لأنثى الإنسان.. المرأة السعودية والمرأة في بقية العالم وفي التاريخ أيضاً. إحداهما حقيقية والأخرى متخيلة ومزروعة.
عندما تطأ قدمه دبي أو القاهرة أو لندن يصادف امرأة تعمل وتكد وتلبس ملابس رثة وأنيقة. طويلة وقصيرة. سمراء وبيضاء. شابة ومسنة. جاهلة ومتعلمة وقحة ومهذبة. تعمل في محل عطور وتعمل في الجوازات ومندوبة مبيعات وصاحبة دكان صغير. منذ أن يخرج من المطار السعودي إلى أن يعود إليه يشاهد هذه المرأة تتحرك أمامه ولا يرى في المسألة أي مشكلة.
ما أن تطأ قدماه أرض الرياض أو جدة حتى تختفي هذه المرأة تماماً وذلك المفهوم. تختفي من الجوازات ومن الجمارك ومن أمام مقود السيارة ومن البقالات والمطاعم. كل ما سوف يشاهده هي هذه المرأة التي تسير ببطء ووجل في ممرات المول. لا تستطيع أن تنادي ابنها الذي يبعد عنها عشرة أمتار بصوت مرتفع ولا تستطيع أن تفاصل في حقوقها وإذا أعوزتها الحال شاهدها تبيع أمام بسطة على الرصيف في عز الظهر وتناديها المنابر بالجوهرة المصونة وتهددها بأن تكون من حطب جهنم.
هذه المرأة المتوهمة ستنتهي وسيرى الإنسان السعودي الذي يراه في كل مكان في هذا العالم. امرأة تعمل إلى جانبه في المولات وفي المطاعم وسيراها عاجلاً تعمل في محطات البنزين والمطارات وخلف مقود سيارة الشرطة. الباب الذي يفتح سيفتح الباب الذي يليه.




إضغط هنا لقراءة المزيد...