محاولة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري¡ وإعلان استقالته تبعاً لذلك¡ وتوعده بأن أصابع إيران سوف تبتر في المنطقة¡ ورفضه استخدام سلاح "حزب الله" ضد اللبنانيين والسوريين¡ وما نتج عنه من مشاكل كبيرة للعالم العربيº كل ذلك وأكثر لم يخرج لبنان من حقل الألغام الذي يسير عليه¡ وهو الوصف الذي أطلقه الرئيس ميشيل عون عند تسلمه السلطة¡ ولا يزال يتفرج على تلك الألغام المحيطة بدولته¡ ويناور حولها من دون أن يتخذ موقفاً مشرّفاً منها.
لبنان الدولة غير موجود في الواقع السياسي الرسمي¡ ومخترق من كل جانب لتحقيق أجندات إيرانية بفعل ذراعه العسكري والأيديولوجي "حزب الله"¡ ومؤسساته مختطفة ومتآكلة بفعل تلك التدخلات¡ والنتيجة لم تتغيّر سواءً بتعطيل وصول رئيس إلى قصر بعبدا أو وجوده صورياً على كرسي الحكمº لأن السلاح ليس بيد الدولة¡ والقرار ليس نابعاً منها¡ والصراع متواصل بين مكونات حزبية فئوية تبحث عن مصالحها في النهار¡ وتتقرّب إلى الحزب النافذ في الليل¡ وهكذا بقي لبنان وسيظل مفتوحاً على مهددات مصيره¡ ووحدته¡ وعلاقاته.
محاولة الاغتيال الفاشلة لدولة سعد الحريري ليست لذاته¡ وإنما محاولة لاغتيال جميع اللبنانيين¡ ومشروعهم السياسي نحو التوافق كأساس للحوار وإعادة بناء الدولة¡ ومكانتها¡ ومواردها¡ ومصالحها مع دول المنطقة¡ وبالتالي لم تكن الاستقالة حلاً أمثل وإنما أسهل للخروج من المأزق¡ وإعادة لبنان إلى المربع الأول¡ ومعه "حزب الله" الذي يخلط الأوراق ليبقى قوة مسلحة على حساب المنطقة وجميع اللبنانيين.
الدولة اللبنانية ليس لديها حل للمواجهة¡ ولا أجندات للحوار¡ ولا مرجعية للقرار المستقل¡ وهنا يبرز النفوذ الإيراني للتدخل¡ مدعوماً بحزبه المتفرد في مفاصل الحراك السياسي والعسكري والاجتماعي أيضاً¡ ويبقى السؤال: هل سيبقى الوضع كما هو عليه أم أن هناك إرادة لبنانية للتحرّك بدعم دولي للخلاص من عقدة تهديد الدولة¿.
المؤشرات الأولية لا تزال إعلامية بتصريح هنا وهناك¡ وتحديداً تجاه إيران¡ والفعل السياسي لا يزال كامناً باحثاً عن حل من الداخل لتصعيد المواجهة ليس مع الحزب التابع¡ وإنما مع إيران المستقلة¡ وهو بداية لمشوار طويل لن ينتهي بالفشل مثل كل مرةº لأن التكتيك مختلف¡ والرسالة تجاوزت "حزب الله" إلى إيران مباشرة.
هذا القفز إلى الفاعل في العرف السياسي يحتّم إيجاد مشروع لإنقاذ لبنان¡ وضمان أمنه واستقراره¡ وإعادته إلى محيطه العربي¡ وتحقيق العيش المشترك بين مكوناته¡ ويعني أيضاً بناء تحالف دولي لتنفيذه برعاية أميركية لديها رغبة في تحجيم نفوذ إيران في المنطقة وفق إستراتيجيتها المعلنةº فلا مجال لتحرك آحادي¡ ولا تعويل على الرئاسة اللبنانية للمواجهة¡ وبالتالي يستمر لبنان في حلوله الخارجية إلى أن يتم تطهيره من الشيطان الإيراني.




http://www.alriyadh.com/1635700]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]