الخطوات التي تخطوها المواطنة باتجاه المشاركة في القوة الاقتصادية حثيثة وواضحة¡ ودائرة مشاركتها تتسع يوماً إثر الآخر¡ والوظائف لم تعد تخلق لها بصعوبة وضمن قطاعات محدودة فقط بل باتت تسكن بداخل الهيكلة الإدارية كجزء مهم من اقتصاد قوي متعافٍ يستثمر في مقدرات أبنائه.
لكن هذا الحماس والإرادة العارمة¡ أرجو أن لا يُغيب عنا المفهوم المتكامل للتمكين¡ فتمكين المواطنة لا ينحصر بإدراجها في سوق العمل كرقم فقط¡ بل خلق فضاء إيجابي يسهم في جعل تجربتها اليومية منذ خروجها من منزلها رحلة ميسرة وآمنة.
فلا نكتفي بمقولة أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً¡ عندها تنال فتات المائدة والامتيازات¡ فتبدو كأمر طارئ على المشهد الوظيفي يحدث فيه ارتباك ولابد من حل له¡ بشكل يقصيها عن المنافسات الوظيفية المبنية على المقدرات والمؤهلات.
وأيضاً لا غنى للمواطنة عن نظام الكوتا الذي يتيح لها عدداً من المقاعد في الوظائف القيادية والإدارة التنفيذية العليا¡ حتى يألف المكان والزمان وجودها¡ وحتى تظهر كامل مواهبها وثقتها هي بنفسها.
وأعتقد من أولويات التمكين تفعيل نظام مكافحة التحرش لحظة صدوره المرتقب¡ حيث يرفق بحملة إعلامية كبرى كي تتعرف عليه كل موظفة¡ وكل رب عمل¡ ويترجم إلى عدد من اللغات¡ وتسلم نسخة منه إلى أي موظفة حال توقيع عقد عملها.
أيضاً من أساليب التمكين ما يتعلق بتفعيل وسن أنظمة تحترم وتقدر طبيعتها الأنثوية¡ وتدعم حصولها على إجازات الأمومة¡ وإجازات رعاية للشهور الأولى لصغيرها¡ وساعات الرضاعة¡ كما سن على هذا قانون العمل في المملكة.
وقبل كل هذا توفير حضانات وفق شروط جودة عالية بجانب نطاق العمل¡ فالقرار من نظام العمل والعمال رقم 159 ألزم صاحب العمل أن يجعل مكاناً في المنشأة مهيأ لحضانة أطفال العاملات¡ ويوظف فيه العدد الكافي من المربيات¡ إذا بلغ عدد العاملات خمسين فأكثر¡ أو بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر¡ ووزارة التعليم هي أكبر قطاع عمل نسائي في المملكة¡ مع الأسف لا تحتوي على حضانة واحدة¡ بل على العكس هناك بعض القطاعات الحكومية الأخرى التي كانت تمتلك حضانات نسائية تم إغلاقها مؤخراً¡ فالأمر يبدو واضحاً بأن هناك عجزاً في استيعاب مفهوم التمكين بصورته الشاملة.
وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع صندوق الموارد فعلت برنامجين في هذا الخصوص¡ (وصول) الذي يدعمها بما نسبته 80 % من مصروفات تنقلاتها¡ وبرنامج (قرة) الذي أيضاً يدعم مصروفات حضانات أطفالها.
ودخول وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بهذا الزخم في هذا المجال يشير إلى إرادة سياسية واضحة في تذليل الصعوبات والتحديات التي ما برحت تتربص بالمواطنة عند مشاركتها في سوق العمل.
ومن أبرز هذه التحديات أهمية أن تذهب المواطنة إلى عملها بكامل حقيبتها¡ كمواطنة¡ وأم¡ وحاضنة... وقوة كبرى خلاقة لاقتصاد الوطن.




http://www.alriyadh.com/1635702]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]