سيسجل التاريخ ان عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز.. فتح هذا الباب الموصد طيلة عقود¡ وقد واجه بشجاعة هذا الاخطبوط الممتد¡ وهو يأكل من مقدرات البلاد ويكرس حالة كارثية من الاستحواذ¡ ويعظم الثروات الحرام..
على مر التاريخ¡ لم تسجل الزعامة سوى للقادة الكبار. أولئك الذين اتخذوا القرار الصعب في الوقت الصعب.. فحققوا ثمار قرار كبير سجل لهم في صحائف الزعامة.. وفي كتاب التاريخ أيضا.
الفساد¡ ظاهرة تلقي بآثارها الكارثية على مسار التنمية وحقوق المواطنين وثقافة مجتمع.. وكان الاعتقاد إلى وقت قريب أن ثمة استحكامات صعبة يتدرع بها الفساد¡ ويحمي اقطابه¡ ويواصل مساره الكارثي.. حتى رأينا اليوم الذي هُزت فيه شجرته.. وتساقطت بعض اغصانه¡ والامل كبير بنتائج إيجابية ستحققها هذه الحملة التي يقودها ملك البلاد لاستعادة النزاهة عنوانا.. بعد طوفان الاقتطاع الحرام من موارد الدولة ومقدرات مواطنيها.
جاء القرار بمبادرة قائد يدرك ان الوطن لن يقوى على مواجهة التحديات والمخاطر الخارجية والداخلية.. إلا بمواجهة قوية للفساد.. وليكسر هذا التابو الخطير الذي أحاط بالفساد.. وخاصة الفساد الكبير الذي يجر كل فساد صغير.. لنرى هذا التأييد الشعبي الكبير بعد هز شجرة الفساد..
سيسجل التاريخ ان عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز.. فتح هذا الباب الموصد طيلة عقود¡ وقد واجه بشجاعة هذا الاخطبوط الممتد¡ وهو يأكل من مقدرات البلاد ويكرس حالة كارثية من الاستحواذ¡ ويعظم الثروات الحرام¡ ويعمق الشعور بالغبن¡ ويكرس حالة من انعدام الثقة.. ليفاجئنا أيضا بما هو أبعد واخطر.. أن ثمة امتدادات خطيرة وكبيرة لشجرة فساد نمت خلال العقود الماضية تقاسم من خلالها المفسدون الأموال والنفوذ والاستحواذ على مصادر الثروة وعوائدها..
ثروات اقتطعت من موارد وطن¡ ومن ممتلكات دولة¡ ومن مكتسبات أجيال ومن حقوق بشر.. ومن مسار تنموي متعثر.. تسللت بين عشية وضحاها الى أرصدة المفسدين¡ الذين ظنوا لبعد احتمال المساءلة والمحاسبة¡ انهم في مأمن.. حتى وقعوا في شر أعمالهم في عهد أخذ على نفسه محاسبتهم مهما عظم شأنهم ومهما بلغت مكانتهم.
لا أكتب عن شخص او أشخاص بعينهم لمزيد من الإدانة¡ فليس من شأن كاتب الأفكار أن يطال الشخصيات أو الحالات.. قدر ما يعنيه الموقف العام من قضية وطنية كبرى لا أهمية تفوقها¡ ولا خطر كخطر الاسترخاء إزاءها¡ ولا نتائج كارثية كنتائجها.
ولا ينبغي لأحد ان يزايد على كتاب باركوا الإجراءات الأخيرة لمواجهة الفساد.. ليقول اين كنتم عندما كانت رائحة الفساد تملأ الفضاء العام بحكاياتها وفضائحها.. لم يكن كثير من أولئك بعيدا عن هموم وقضايا الفساد. بل كانت عملية متواصلة لإدانة الفساد بأنواعه.. إلا ان الكاتب لا يمكن ان يتحول إلى محقق¡ وليس لديه مصادر تجعله يثق بما يتم تداوله في المجالس العامة.. ولم يكن يملك أداة أكثر من قلمه ليوجهه نحو ادانة الفساد بشكل عام والتحذير من تبعاته ونتائجه.
اليوم تتكشف بعض ملامح الصورة¡ لعمليات فساد كبرى.. الوطن هو الضحية الأولى لها¡ وكان من الخطير ان تظل تمتد لتأكل الأخضر واليابس¡ وكان من المحتم مواجهتها بقوة أو انتظار المزيد من كوارث الفساد ونتائجه الوخيمة.
الزعامة الكبيرة¡ هي التي تستهدف الإصلاح وخير الوطن وبناء منظومة قوية لمواجهة مكامن الضعف والتضعضع¡ وتتخذ القرار الصعب والشجاع.. وتدرك ان المصلحة العامة مقدمة على كل مصلحة شخصية¡ وان مستقبل البلاد والعباد التي اؤتمنت عليه هو الأولوية الكبرى في مسار الإنجاز¡ وان تجديد البناء يتطلب نفض غبار الفساد وشبكاته عن وجه الوطن.
ومواجهة منظومة الفساد ستكون أكثر فاعلية مستقبلا بتأسيس نظم قضائية فاعلة ومؤسسات قوية تملك صلاحيات كبرى للمحاسبة وتقديم المتورطين للقضاء. فالفساد ليس حالة طارئة بل هو مشروع المفسدين على الدوام¡ وهذا يقتضي البحث في أفضل الخيارات والسبل لتأسيس مجالس ومؤسسات قادرة على وضع اجندة الفساد امام الرأي العام¡ وكشف التباساته ومحاسبة المتورطين فيه مهما علا شأنهم ومهما كانت مناصبهم.
مواجهة الفساد بقوة ستردع الكثيرين عن محاولة اقترافه.. وستكون الامثولة الكبرى ضربا فاعلا في الممارسات الصغيرة لأي درجة أو نوع من الفساد.
الامر الآخر¡ ان الفساد لابد ان يقوده فاسد¡ وهو يحمى ذاته من خلال شبكات تتورط معه في ممارساته.. ولذا سيكون من المهم ان تكون هناك محاولات فرز قوية للمناصب الكبرى ذات الصلاحيات الواسعة¡ بحيث لا يصل إليها إلا من يملك سجلا نظيفا وعملا مشرفا ودؤوبا.. وان تنتهي فكرة العلاقات العامة والتزكية من مسؤول سابق لمسؤول لاحق.. لان ثمة خللا في هذا النوع من التعيينات¡ مما قاد إلى تكريس مجموعات تعمل خلف الكواليس في تخادم مستمر تطغى عليه التجاوزات¡ وتمكين الأصدقاء والاقرباء والمنتفعين¡ وتعزيز حضور الاتباع وطلاب النفوذ والمال الحرام.
وكما نحن بحاجة للقوي الأمين لواجهة القرار والإدارة والتسيير¡ نحن بحاجة مستمرة لأدوات قوية لمواجهة الفساد.. فالفساد داء يستشري من منافذ وشقوق يجب سدها باستمرار ومتابعتها باهتمام ووضع الحواجز أمامها.. كما هو بحاجة إلى مواجهة دائمة وفاعلة.. فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
وكما نحن بحاجة للقوي الأمين لواجهة القرار والإدارة والتسيير¡ نحن بحاجة مستمرة لأدوات قوية لمواجهة الفساد.. فالفساد داء يستشري من منافذ وشقوق يجب سدها باستمرار ووضع الحواجز أمامها.. كما هو بحاجة الى مواجهة دائمة وفاعلة.. فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.




http://www.alriyadh.com/1641347]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]