لم تخرج الجلسة الطارئة لمجلس الأمن عن الإجماع الدولي فيما يتعلق بالقدس والتعبير عن إرادة العالم الرافضة لجميع الإجراءات الأحادية التي تحاول فرض واقع جديد يبنى عليه المستقبل.
كلمات مندوبي الدول الأعضاء المنددة بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني المحتل أظهرت الخطأ الجسيم الذي ارتكبته الإدارة الأميركية في قضية محورية¡ وحذرت من تبعاته على الأمن والسلم الدوليين¡ خاصة وأن القرار فضلاً عن كونه أحادي الجانب¡ يمثل تعدياً على الشرعية الدولية والقرارات الأممية التي كان من المفترض احترامها والعمل على تنفيذ بنودها.
الخطاب الأممي يعطي زخماً كبيراً للقضية ويمثل دفعة قوية لنضال الشعب الفلسطيني الذي يطالب بحقوقه على أرضه¡ ويمثل فرصة سانحة لزيادة الضغط على إسرائيل للخضوع للإرادة الدولية المتمثلة في رفض جميع ممارسات الاحتلال وسياسة فرض الأمر الواقع.
ربما لم يتخيل صانع القرار الأميركي ردة الفعل الدولية المعارضة لقراره الذي يمثل سابقة تاريخية تضر كثيراً بسمعة الولايات المتحدة ومصالحها¡ وتفتح الباب على مصراعيه للتكهن بمستقبل علاقات واشنطن مع العالمين العربي والإسلامي¡ خاصة وأن الرئيس دونالد ترمب وخلال عامه الأول في البيت الأبيض تمكن من إعادة بلاده إلى موقعها الذي تراجع كثيراً خلال فترة حكم سلفه باراك أوباما.
إعادة خلط الأوراق خاصة عندما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي تشهد إجماعاً عربياً وإسلامياً ودولياً كما أثبتت الأيام القليلة الماضية يمثل مغامرة غير محسوبة العواقب من قبل الإدارة الأميركية التي أخطأت في حساباتها عندما تخلت عن دورها طوعاً كوسيط وراعٍ ضامن لعملية السلام في الشرق الأوسط¡ وهي التي كان من المعول عليها أن تسهم في تبديد دخان الحرائق التي تشتعل في جميع أرجائها.
في عالم السياسة كما أن هناك أهدافاً وإستراتيجيات طويلة المدى فإن هناك ممارسات سياسية وردود أفعال تخدم مصالح قصيرة المدى¡ وفي حالة القرار المتعلق بالقدس فإنه لا يمكن أن يكون ضمن ما سبق فلا زيادة التوتر والأزمات والحروب تقع ضمن الأهداف والإستراتيجيات المعلنة للولايات المتحدة¡ ولا صب الزيت على النار في إقليم ملتهب يخدم المصلحة الأميركية في المنطقة والعالم على المدى القصير.
ما يخلق حالة من الحيرة تجاه خطوة واشنطن هو عدم توفر أي مسوغ منطقي لها خاصة في هذا التوقيت الذي يمر الشرق الأوسط فيه بواحدة من أسوأ مراحله على جميع الأصعدة.




http://www.alriyadh.com/1645125]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]