على شبكة "تويتر" تتجلّى مستويات أخلاق الناس وتظهر معادنهم وقيمهم وكل تغريدة إذا انطلقت فهي سفيرة صاحبها وهي بالطبع بعض سجله في حياته الأخرى. كثيرون لا يدركون أننا في عصر الشاشات حيث لا يفصل بين الناس وبين إظهارهم المشاعر والانفعالات وما يعتمل في صدورهم (خيرا أو شرا) إلا لوحة المفاتيح.
ولأن مادة تويتر هي الكلام وفي غفوة الضمير وضعف القوانين تتجلّى مظاهر العنف اللفظي على المحتوى العربي لتويتر تبعا لضخامة المشكلات الثقافيّة والسياسيّة السائدة في عالمنا العربي المأزوم. ونقصد بالعنف اللفظي هنا استعمال "المغرّد" لإيحاءات ورموز أو كلمات وأحيانا عبارات تتجاوز حدود الآداب والأخلاق والقوانين. ويمكن هنا تمييز أبرز خمسة أشكال واضحة للعنف اللفظي على شبكة تويتر وهي:
الشكل الأول: السب والشتيمة ونعني بها مظاهر الاستهداف المباشر لشخص أو جماعة أو دين ونحو ذلك بالشتم والفحش في الكلام باستغلال هذا الفضاء الحر المتاح فيما لا ينفع. ويكفي أن تختار أي كلمة من الكلمات الرائجة في لغة التشاتم وتضعها في محرك بحث "تويتر" لتكتشف حجم المشكلة. وما يؤلمك أكثر أن بين من يطلقون الشتائم الفجّة من يظهر على الشاشة باسمه ورسمه ومنهم من قد يضع آية كريمة أو عبارة شريفة في تعريف نفسه وحسابه.
الشكل الثاني: الانتقاص والسخرية والتجريح وهذه الظاهرة تبدو بشكل واضح عند من امتهنوا الفوقيّة على الناس ومن يرون أنفسهم أنهم امتلكوا الحق والأصل والأصالة وبقيّة خلق الله اتباع رعاع. هؤلاء إذا خاصموا انتقصوا وإذا نصحوا جرحوا وفضحوا دون حساب لمشاعر الناس وأحوالهم. وأسوأ أصناف هذا الصنف من خصّص حسابه للسخرية يغرّد عن الناس بدونيّة ساخرا من الضعفاء والمهمشين طلبا للتسلية وإكثار المتابعين.
الشكل الثالث: التهديد والتخويف وجعل الضحيّة المستهدفة تعيش حالة الرعب والخوف جراء التربّص والاستعداء دون وجه حق. وعادة ما يتستر هؤلاء خلف أسماء مستعارة ويطلقون عبارات الوعيد والتهديدات في حفلات وحملات تصفية لا شرف فيها بقصد الاغتيال المعنوي لمخالفيهم وخصومهم. ومما يؤذي العين والضمير بين هذا الصنف من يعرض مشاهد أطفال أو ضعاف الناس وهم يتعرّضون لمواقف تخويف ورعب بقصد اصطياد مقطع مضحك ليجلب المزيد من الزوار لحسابه والتعاسة لضحيته المرعوب.
الشكل الرابع: الابتزاز والتذكير بمواقف لا يحبّها الضحيّة سواء مما تاب عنه أو مما ستره الله من عيوب ثم انكشفت لبعض شرار الناس. ومن هؤلاء بعض ضعيفي المروءة والأخلاق الذين لا يتوقفون عن استغلال شبكة "تويتر" للتشهير بهذا الشخص المبتلى أو ذاك الضحية ليبتزّه أو يعين عليه شياطين الإنس والجن.
الشكل الخامس: الاتهام وترديد الادعاءات وتفسير النوايا والأعمال وبثها حول الضحيّة عبر "تويتر" دون حساب للمآلات. وهذه المظاهر السلبيّة عادة يكون مبعثها الفجور في الخصومة وأحيانا الحقد والغيرة. ومهما برّر "المغرّد" بهذه الملاحقات عمله فهو في ميزان العدل بين الغيبة والبهتان.
قال ومضى:
على بوابة الحقيقة: حديث الهمس لا يحجب الشمس.




http://www.alriyadh.com/1650886]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]