تتجه الدولة بسلطتيها التشريعية والتنفيذية نحو تزهيد أفراد المجتمع في الوظيفة الحكومية مقابل الانخراط في العمل الحر¡ ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة¡ وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في تخفيض نسب البطالة¡ إلى جانب تهيئة البيئة الاستثمارية لتوليد الوظائف في مشروعات نوعية¡ ومواقع متعددة¡ وإمكانات حضور جاذبة¡ كذلك تقليل نسب العمالة الوافدة¡ ومحاربة التستر بمزيد من الرسوم¡ والإفصاح عن جوانب تنظيمية في ضبط السوق¡ وتوطينه¡ والخروج إلى هامش أكبر من روتين الوظيفة إلى الإبداع المهني¡ وتجويد ممارسته¡ والاحتكام إلى كفاءة الأداء في مخرجاته.
أكثر من مليون وظيفة حكومية تستهلك الباب الأول من الميزانية في مرتبات وبدلات¡ وهو رقم لا يستقيم مطلقاً مع رؤية 2030 التي جعلت من الاستثمار في الإنسان والمكان والمال سبيلاً لتخفيف العبء الكبير الذي تواجهه الحكومة في موازنة كل عام¡ والعبء الأكبر مع هاجس البطالة المتنامي مع تدفق أعداد كبيرة من الخريجين وطالبي العمل من الجنسين.
لذاº بدأت جهات كثيرة تغري موظفيها بمزايا التقاعد المبكر ومغادرة الوظيفة¡ وأخرى تستعد تنظيمياً لمشروع الخصخصة الذي سوف يزيح أعداداً كبيرة من موظفي الدولة إلى برامج تشغيل¡ وعقود سنوية¡ ومن أبرزها قطاعا الصحة والتعليم¡ وجهات ثالثة بدأت فعلياً في تسليم كثير من إداراتها إلى شركات تعمل داخل الجسم الحكومي.
أعتقد أن أول قرار في تزهيد المجتمع في الوظيفة الحكومية يبدأ من تخفيض نسب القبول في الجامعات¡ ومنح ميزات مالية ووظيفية للملتحقين بالمؤسسة العامة للتعليم التقني والمهني¡ وهذا القرار سيعالج إشكاليات أخرى في السوق بين مهن يحتاجها السوق ولم يتهيأ لها أفراد المجتمع¡ وأخرى لم يتقدم لها أحد.
أمام هذا القرار الاستراتيجيº نحتاج إلى قرارات أخرى تساعد على مزيد من التزهيد في الوظيفة الحكومية¡ أهمها: السماح للموظف الحكومي بالعمل الحرº ليجد الفارق بين ما يقبضه من مرتب الحكومة وما يجده في السوق من دخل مغرٍ¡ إلى جانب دمج نظامي التقاعد والتأمينات وإعادة هيكلتهما في جسم حكومي واحد¡ ومنح ميزات تنافسية للقطاع الخاص وعدم تحميله ما لا يحتمل¡ وخصوصاً الشركات التي يعوّل عليها أن تكون تعويضاً عن الحكومة في استيعاب طالبي العمل¡ كذلك الإسراع في برامج الخصخصة التي تأخرت كثيراً¡ وتحديداً في الصحة والتعليم¡ وإقرار نظام الجامعات الذي هو الآخر يمنح ميزة تنافسية للعمل¡ وحرية أكبر للجامعات لزيادة مداخيلها واستقلاليتها المالية والإدارية.
مرة أخرى لا يمكن التزهيد في الوظيفة الحكومية والقطاع الخاص يعاني من بيروقراطية الموظف الحكومي أياً كان منصبه ومسماه¡ حيث لا يزال شباب الأعمال يتطلع أن يسجل حضوره على قائمة جيل الرؤية¡ وأن تأخذ الحكومة بيده ليس بتخفيض الرسوم أو زيادتها¡ ولكن بمنحه خدمات سريعة في الحصول على التأشيرات التي لم يتم توطين مهنها بعد¡ والتدرج في تطبيق برامج التوطين¡ وتحديداً في الجوانب المهنية.




http://www.alriyadh.com/1660970]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]