بعد أن يسرد الكاتب الأفغاني خالد حسيني حكاية أبطاله¡ وينصرف الجميع إلى نهاياتهم بقناعة مفرطة¡ يبقى هو هناك على عتبة الصفحة الأخيرة ليسجل ملاحظات مهمة ضمن قائمة شكر وعرفان للأصدقاء الذين ساندوه خلال منجزه الروائي العظيم¡ يكتب اعترافاته حتى لملهميه الذين قرأ لهم
وتأثر بهم¡ ويبدو أنه عرفان فيه من الحرص ما يحفظ حق كل شخص ساعد في اكتمال النص خلال كتابته¡ وهو رغم قصره إلا أنه يكشف أن صناعة الكتاب في الغرب تجاوزتنا على الأقل بقرن كامل من التطور.
خالد حسيني الذي ولد في العاصمة الأفغانية كابول وعاش في إيران ثم في باريس ثم انتقل إلى أميركا¡ لم تقف اللغة الإنجليزية حجر عثرة أمامه ليصبح من أكثر الكتاب شهرة في العالم¡ فهناك محررة تسهر على صياغة نصه¡ ذكرها باسمها سارة ماكغراث¡ ومدقق لغوي متمكن هو توني دافيز¡ وكوكبة من المحيطين به من الأصدقاء الأميركان¡ الذين دعموه بشكل حساس ما جعله يذكرهم جميعاً بأسمائهم¡ ثم أخيراً وجه الكثير من الشكر لزوجته ورفيقة حياته خاتماً كلامه الموجه إليها بكلمة « أحبك» .
هذا الكلام المفصّل على مدى صفحتين فقط أثار الكثير من المشاعر في نفسي¡ فقرأته مرتين وثلاثاً
وأربع¡ وتساءلت بيني وبين نفسي ماذا لو ظل الكاتب مع عائلته في أفغانستان خلال الحرب¿ هل كانت الحرب سترأف بطفولته¿ وماذا ستمنحه لو أنه عاش في قلبها ونجا¿ إن لم يفقد اليد التي يمكن أن تحمل القلم و تمتهن الكتابة¿ إن لم يفقد ساقاً من ساقيه¿ إن لم يُجنَّد باكراً ويصبح من القتلة المصابين بلوثة الحرب¿ ماذا سيكون غير نرد خاسر تطحنه الحرب عند أول منعطف فيها¿
كان حظ خالد حسيني منذ البداية مشرقاً¡ لتواجده في فضاء مكاني غير أقاليمنا البائسة التي لاحقتها لعنة الحرب¡ ولتعلمه اللغة الإنجليزية التي لم تعد أداة لمحاكمة الأدباء وتعليق مشانقهم¡ لقد شاء الله أن يخرجه تماماً من الزمن المتعثر بالعقبات¡ مثله مثل عتيق رحيمي¡ مواطنه الذي تألق في فرنسا وتوج جهده بجائزة غونكور عن روايته «حجر الصبر» العام 2008.
الخلاصة أننا نريد أن نتفوق ولكننا لا نعرف لا الطريق ولا الطريقة¡ حتى اللغة العربية التي ندعي أننا نقدسها¡ ها هي مئات الكتب سنوياً تصدر عن دور نشر مرموقة ومع هذا لا تسهر هذه الدور على تنقيح النصوص التي تصلها¡ لا تهتم بتدقيقها¡ ويا للغرابة حين تقذف بها أحياناً للجان الجوائز وهي في حالة يرثى لها. أمّا القارئ فقد أصيب بالتخمة حد الغثيان من هذه اللامبالاة تجاه اللغة والكتاب معاً.




http://www.alriyadh.com/1664183]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]