«الشورى يطالب بتدريب القضاة على القضايا المعاصرة وتطورات المجال العدلي».. كان هذا العنوان المنشور على رأس موضوع مهم في صحيفة الرياض أول من أمس الأربعاء.. قد يكون عابراً¡ لكن وفق الجدل الكبير الذي عرفه المجال القضائي السعودي عبر عقود طويلة في كيفية التفاعل والتعامل وإصدار أحكام القضاء مع متطلبات معاصرة لم يكن لها وجود في صدر الإسلام¡ أصبح أمراً حتمياً لا غنى عنه أبداً.. ووجوب أن يكون القاضي قد عرف تلك المتطلبات بين ثنايا تعليمه وتدريبه كي يكون قاضياً معتمداً.
التوطئة أعلاه وما فيها من رأي لكاتب هذه السطور أعادتني إلى عملي في مجلة المجلة منتصف العقد الماضي وكيف أن موضوعاً صحفياً لتقنين الشريعة والأخذ بالقوانين حول المستجدات التي ليس لها تعريف في النظام القضائي الشرعي قد قُدم لنا بالمجلة من باحث سعودي متمكن¡ وكان موضوعاً متميزاً¡ وبعد مراجعته واعتماده¡ أشار أحد الزملاء أن طرح مثل هذا الموضوع قد يثير على المجلة وقادتها التحريريين هجوماً شاملاً قد يعصف بهم لاسيما وأن فيه مطالبة بتوسيع مفهوم التعليم الشرعي في كليات الشريعة وجعله أكثر مرونة بقبول المستجدات الحديثة.
هذا الموضوع دفع بكاتب هذه السطور إلى البحث والتقصي عن المتغيرات المطلوبة والمطالبين بها¡ لأجد أن شأناً كبيراً لم يجد له حلول في معمعة إصدار الأحكام تجاهها وأضرب مثلاً بأحد أقلها وهو ما يذهب إلى أن المحاكم السعودية في وقت سابق خلال أكثر من عقدين كانت تستعصي على قبول فكرة الشرط الجزائي في عقود المقاولات والتوريد¡ وهلم جرا.. حتى وجدت أن موضوع الباحث جدير بالطرح والدراسة واتخاذ الأمور الحاسمة فيه.. لكن كان رأي الرقيب في وزارة الإعلام مختلفاً¿!.
واليوم مع طرح مجلس الشورى ما ذكرناه أعلاه¡ فما نجده أن قبولاً حاضراً للمتغيرات والتوافق مع ما يتطلبه زمننا الجاري ويضاف إليها التقنين والتوافق بالأحكام تجاهها بين كل من يحكم فيها¡ لا سيما وأن مفاهيم علمائنا الأجلاء أصبحت في كثير منها أكثر سعة وإدراكاً وقبولاً ولا أدل من عمل بعض منهم في اللجان الشرعية للبنوك التي كانت إلى زمن قريب حتى تداول أسمها من المنكرات. المتغير الجاري والانتقال من صعوبة القبول بكل جديد¡ ذكّرني برواية للدبلوماسي العتيد جميل الحجيلان كتبها في صحيفة الشرق الأوسط أكتوبر 2004 وهو في الاختبار الشفهي للسنة النهائية في كلية الحقوق بجامعة فؤاد في مصر¡ وأمام أحد أهم رجال القانون عربياً ودولياً وأهم واضعي الدساتير لكثير من الدول العربية الدكتور عبدالرزاق السنهوري «كان رئيساً لمجلس الدولة المصرية» حينما قال له السنهوري: لو كنت صاحب قرار في السعودية لقطعت رأسك¡ ووسط استغراب الحجيلان¡ رد السنهوري أن السبب أنك أمضيت أربعة أعوام تدرس القوانين الوضعية لتعود لبلد يحكم بالشريعة الإسلامية.. وبذلك تكون عبئاً على وطنك!.
والآن المملكة العربية السعودية تعيش المتغيرات بكل إيجابياتها¡ يدركها الجميع في الفرق بين ما تم طرحه خلال عمل صحفي قبل عقد وما رواه الحجيلان وبين الثقة التي تصدر من المؤسسة التشريعية المتمثلة بمجلس الشورى لأجل العمل بذلك دون تردد أو وجل كما كان يحدث سابقاً¡ وإلى مزيد من الرقي والاتساع الفكري واستيعاب كل ما هو جديد يا بلادي.




http://www.alriyadh.com/1668881]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]