الاقتصاد الأميركي يشكّل ثلث الاقتصاد العالمي تقريباً¡ وتستثمر فيه دول وشركات وأفراد بما يزيد على 25 تريليون دولار¡ وهو الاقتصاد الوحيد في العالم الذي يستطيع امتصاص هذا الكم من الاستثمارات دون أن يتأثر¡ ويعد أكثر اطمئناناً في إدارته¡ ونمواً في تحصيل عوائده¡ ومصدراً مهماً في تعزيز علاقات الولايات المتحدة الأميركية الثنائية¡ حيث تتسابق كثير من الدول على المشاركة واقتناص الفرص بما يحقق مكاسب تتراوح ما بين 6 - 12 % سنوياً. دول مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا واليابان وألمانيا وكندا وإيطاليا - وهي الدول الصناعية الكبرى عالمياً - وتشكّل مع أميركا 65 % من الاقتصاد العالميº نجدها اليوم تستثمر تريليونات من الدولارات في السوق الأميركي¡ وتوفر ملايين الفرص الوظيفية للأميركان ومواطنيهم¡ فضلاً عن دول أخرى ومنظمات وشركات دولية تتنافس على حصتها في ذلك السوق الكبير¡ وهو أمر طبيعي لا يحتمل أي تكهنات أو مزايدات أو مساومات سوى المصالح مع القطب الاقتصادي الأكبر عالمياً.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب تستهويه لغة الأرقام كرجل أعمال قبل أن يكون رئيساً¡ ويوجه من خلالها رسائل إلى الداخل الأميركي عن حجم الصفقات التي أبرمها مع دول وحكومات وأحدثت فارقاً سريعاً في اقتصاد بلاده¡ وتوفير فرص العمل لمواطنيه¡ وهي اللغة التي يفهمها الشعب الأميركي كمجتمع رأسمالي¡ وبالتالي تؤثر في صوته الانتخابي مستقبلاًº لذا يؤمن ترمب أن الجلوس على أي طاولة حوار سياسي أو عسكري أو أمني يجب أن يسبقه تفاهمات اقتصادية واستثماريةº على اعتبار أن الأرقام هي من يعبّر عن مصالح أميركا أولاً.
نحن في السعودية الجديدة نتفهم توجهات الإدارة الأميركية الحالية من لغة الأرقام كتعبير وحيد عن المصالح¡ ولكننا نرى أن الأرقام جزء من المصالح وليست كل شيء¡ وخصوصاً بين بلدين يجمعهما علاقات تاريخية لأكثر من ثمانين عاماًº لذا ندرك أن وجود أميركا معنا كحليف استراتيجي للنهوض في مشروع اقتصادي كبير أهم من أي رقم نتفاوض عليه¡ أو نصل إليه¡ وهذا بحد ذاته كافٍ للتعبير عن المصالح الكبرى التي ننطلق منها وفق رؤية مؤطرة نحو 2030¡ وحوكمة إجراءات تنفيذية للاستثمار¡ وأولويات مرحلية للفرص الواعدة¡ ونتيجة لكل ذلك تعظيم المحتوى المحلي الذي ينتج ولا يستهلك¡ والتخلي عن النفط كمصدر وحيد للدخل¡ إلى جانب تهيئة الفرص الاستثمارية أمام الشركات العالمية للتواجد في السوق السعودي.
وجود الأمير محمدبن سلمان في سبع ولايات أميركية تأكيد على أن علاقات البلدين عميقة¡ ولا تقاس بمصالح رقمية¡ أو مؤقتة¡ ولكنها أيضاً فرصة للتقارب¡ والتفاهم¡ وتعزيز المشتركات الثقافية¡ والخروج بعدها إلى المصالح التي تهيأت لها فرص النجاح والاستمرار.




http://www.alriyadh.com/1670539]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]