يشبه المحللون هجمة الآلة المتوقعة على مجالات العمل الإنساني بالإعصار¡ هجمة لا تقل عن تسونامي حقيقي هو أشد شراسة من كل هجمات الكوارث والحروب¡ هجمة تهمش البشر وتُعلي شأن الجنس الآلي. إذ تذهب الآراء أنه بوسع الرجال والنساء الآليين أو الذكاء الاصطناعي الذي يمر بتطورات حثيثة الحلول مستقبلاً مكان الإنسان في معظم الأعمال¡ وبالأخص يتفوق الذكاء الاصطناعي في مجال التوفيق بين المواهب والقدرات ومنافذ توظيفها¡ إذ بوسع الكمبيوتر بتحليله للمعلومات المبرمجة عن المتقدمين للوظائف ومقارنتها بالمعلومات المبرمجة عن مجالات العمل في المؤسسات المختلفة توظيف الشخص المناسب في مجال العمل المناسب¡ وذلك بسرعة ودقة متناهية تفوق سرعة ودقة البشر¡ بل لقد نجح الكمبيوتر في تحديد مجالات العجز ونقاط القوة في المتقدمين للوظائف والبرامج التطويرية الضرورية لتلبية حاجات كل فرد والتي تساعده على تنمية قدراته¡ أشبه بالطبيب الذي يكتب وصفات للعلاج أو للتقوية¡ فتتم الثقة بالآلة كمرشد ومعالج لما تتصف به من استقامة وحيادية مطلقة.
والأدهى أن بوسع الكمبيوتر التدخل بشؤون القلب والحب¡ فالكمبيوتر المبرمج بخصائص ومواصفات وميول وأحلام وطموحات وثقافة فئات مختلفة من البشر بوسعه تحديد مجالات التوافق بين أولئك الأفراد¡ فمثلاً بوسعه تحديد مدى التوافق بين رجل وامرأة وقدرتهما على بناء شراكة ناجحة بناء على تحليله لشخصيتيهما¡ أي بوسع الكمبيوتر التفوق على البشر في مهنة الخاطبة وذلك في البرنامج التجريبي القائم حالياً والذي يحمل عنوان affinity matching بمعنى التزويج بالتوافق.
وربما لا يبقى من ملجأ من ذلك الغزو الآلي إلا للأعمال الإبداعية¡ مثل الأدب والفن والاختراعات¡ إلا أن هذا الملجأ تقوَّض مؤخراً بالخبر الدي أدهشنا به المصنعون حين توصلوا لتصنيع رجل آلي بوسعه كتابة رواية¡ حيث قاموا ببرمجته بروايات شهيرة مثل رائعة ليوتولستوي Leo Tolstoy آنا كارنيننا Anna Karenina¡ ونتيجة لتلك البرمجة فلقد قام الرجل الآلي بكتابة رواية قصيرة باسم «قصة حب» لاتقل إبداعاً عن نتاج البشر.
إلا أن المنافسة بين الذكاء الاصطناعي والإنسان الذي بدأت تتسارع بشكل خطير منذ عام 2015 ستظل تُحسم لصالح الإنسان حين نأتي لمجالين حيويين هما مجال الحدس ومجال المشاعر¡ إذ يبدو أشبه بالمستحيل برمجة الآلة لتصير قادرة على ممارسة الحدس أو تبادل المشاعر بشكل قابل للتطور والتنامي ذاتياً¡ فإذاً بوسعنا القول بأننا مازلنا غير مهددين بعشق الآلة ولسنا بحاجة لهدهدة غضبها أو طلب رضاها¡ لكن السؤال: إلى متى¿




http://www.alriyadh.com/1677558]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]