نسمع عبارة (مع احترامي لك) كثيرا في بعض الحوارات السياسية والثقافية والاجتماعية والرياضية. وهي عبارة مؤدبة تلطف جو الحوار. أما ما يأتي بعد تلك العبارة فهو في كثير من الأحيان لا علاقة له بالاحترام لأنه يخرج من الساحة الموضوعية للنقاش إلى ساحة لمعركة شخصية يتم التمهيد لها بتلك العبارة ثم يعقبها رأي غير موضوعي قد يصل إلى الإهانة وإساءة الأدب ومطلوب من الشخص المقصود أن يتقبل ذلك بسبب استخدام عبارة (مع احترامي لك) كأن تقول: مع احترمي لك ولكن طرحك يعبر عن جهلك وسطحيتك!
ما هو رد الفعل المتوقع على هذا القصف المغلف بعبارة (مع احترامي لك) في الغالب سيكون الرد عنيفا ويتحول الحوار إلى معركة شخصية وليس حوار أفكار. معركة يستخدم فيها طرفا الحوار أو أحدهما سلاح اللسان ورفع الصوت إلى درجة الصراخ وهذا سلوك يمثل أحد أسباب فشل الحوار¡ لأن الهدف يتغير من الوصول للحقيقة إلى انتصار طرف على الآخر¡ ولا يمكن أن ينجح حوار تسيطر عليه لغة السب¡ فهذه اللغة قد تقود الى خسارة مؤلمة. تقول نصيحة لأحد الحكماء: لا تمكن أحدا من قول يصدق فيك إنك منافق شرير¡ بل ليكذبن فيما يقوله. وهذا في طاقتك لأن من يستطيع أن يمنعك لايمنعك عن الصلاح والإخلاص.
في النقاش غير الموضوعي يصل المستوى السلبي الى إصدار أحكام مسبقة على الرأي أو المشروع المطروح لأن صاحب الرأي أو المشروع حسب الطرف المعارض مصنف فكريا في فئة لا يقبلها المعارض. هنا شخصنة متطورة تسبق النقاش ولا تستمع للحجج وتقرر أن المهم هو من قال وليس ما قيل!
وفي النقاش ترد عادة عبارة (أرجو أن تصححني إذا كنت مخطئا) يقولها من يثق بطرحه أو بمعلوماته ويفتح المجال للتصحيح من باب التواضع¡ وقد يأتي التصحيح حسب طلبه لكنه يصر على التمسك بموقفه بسبب الطريقة التي تم بها التصحيح¡ وهذا يفسر كيف أن المحاور يصر على التمسك بفكرة يتضح أنها خاطئة والدفاع عنها حيث يرجع ذلك إلى كونه أصبح في حالة دفاع عن النفس وليس الدفاع عن الفكرة.
الدفاع عن النفس هو نتاج الخروج عن الموضوعية إما باستخدام أساليب غير لائقة مثل السب والتجريح¡ أو التشكيك في الأهداف التي دفعت المحاور إلى تبني رأي معين فتطاله تهمة أن له مصلحة في تبني هذا الرأي. الحوار غير الموضوعي هو وصف لطيف لحالة من الصراخ والهجوم والدفاع وتبادل الاتهامات وضياع الاحترام وبالتالي تصبح عبارة (مع احترامي لك) لا معنى لها.




http://www.alriyadh.com/1680910]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]