متعبٌ .. يا صديق القصيدةِ
لم يبقَ غير ظلال الضحى .. واحتدام المقيل
ومساء تثاقل في بابه شاعر .. بانتظار الأصيل
متعب كلنا .. كلّنا
شاعرٌ عند باب الحقيقةِ يكذبُ .. أو شاعر مستحيل ..!

بين الصدق والكذب علاقة نشوء وتخلّق .. فكلاهما لا يكون إلا بالآخر ...
أجدادنا القدماء قالوا إن الجمل الخبرية فقط هي تلك التي تحتمل الصدق والكذب¡ ثم تركوا الشعراء في (إنشائياتهم) يكذبون¡ وفي كذبهم يتجمّلون..!
على مستوى اللغة فعلان "صدق وكذب" ..
أما الصدق فوسطه دالٌ ساكنة يفتّش جيوبها حرّاس الكلام¡ فتمضي واثقة من تغلغل حقيقتها حتى آخر القاف..!
وأما الكذب فوسطه (ذال) ساكنة ذات حضور مراوغ¡ يبدو اللسان أثناءه أشبه بالمرتبك والمتوثّب للتراجع على مستوى النطق¡ ثم تنتهي المفردة بباء متوجسة تطبق عليها الشفتان¡ مخافة السقوط في المنعطف الأخير من الحقيقة..!
ومع هذا يقف الشعراء على المنابر دون دال صادقة إلا ما شاء لهم الهوى.
ولكن لماذ حق للشعراء دون غيرهم الكذب على اعتبار أن أكذب الشعر أعذبه¡ كما أن أعذب الشعر أكذبه كما قال أجدادنا ...!
هل ثمة حقيقة أخرى يقدمها الكذبُ الذي يحترفون¿ وهل عليهم دائما أن يقولوا الحقيقة حينما يستأثرون بما يرون¿ .. قلت دائما إن الشاعر يفتح النوافذ للمتلقي لكنه لن يمنحه عينيه¡ وربما كان ذلك الكذب العذب قناعًا كلاميا للحقيقة حينما يكفي الشاعر الحديث عنها كذبا أو صدقا...
لا أعرف كُنْه هذا السحر المفرط الذي ترك الخبرَ لغنائه¡ والحقيقة لما تخرج به علينا
لكنني أثق كثيرا كثيرا بأنه لولا الشعر لما أدركنا على الأقل حقيقة ما نحن عليه ...

المدينة مذكورة في الكتاب القديم
مؤجّلة للكلام .. وآيلة للسكوتْ
المدينة مثل القصيدة تبكي وتضحك.. تلهو وتُنهك
تغتابُ شاعرَها في حديث البيوتْ ..!




http://www.alriyadh.com/1680894]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]