كانوا ما يقارب الستين رجلاً قد حُفرت أسماؤهم على قطعة من المعدن¡ أتذكر جيداً اسم إبراهيم النفيسي فقد كان الاسم الأول من رجال الملك عبدالعزيز -رحمهم الله- حسب الترتيب الأبجدي على ذاك النصب الماثل في منطقة الثميري¡ وقد احتفظتْ به ذاكرتي لما يزيد على (25) عاماً¡ رغم أني كنت طفلة حينها إلا أنه استوقفني أثناء عبوري¡ وعرفت حين تهجأت المكتوب أن مدينة الرياض لولا ذلك البطل وفرسانه لم تكن وإنها ممتنةً لهم ولم تنساهم.
ولذا فإن بقي التوثيق والتأريخ سواء كانا شفهياً أو مدوّناً رهن ذاكرة الشيوخ وحبيس كتب المتخصصين وحكايات المهتمين فحسب فإن الكثير من الأحداث قد يفتقد تأثيرها أو تسقط في غيابة الوقت¡ وإن لم يتولها الأمناء قد تجحد وتغطيها روايات خارجية أو تعبث بها أجندات مريبة. ولذا فإن مواكبة التوثيق الوجداني للأدوات الأخرى يعد برأيي أحد أنجع الأساليب لفاعلية التأريخ والذي تعد الصورة أقوى أدواته خاصة في مثل هذا الوقت¡ حيث إنها وسيلة عميقة¡ مباشرة ودائمة أيضاً هذا لأن اللغة قد يتغير قوامها أو تتطلب اهتماماً خاصاً ومعرفةً بها أما الصورة فهي أكثر بساطة ورسوخاً في النفس.
وفي ضوء استعداد المملكة لاستقبال السياح فإنه من المعروف أن تصميم الشوارع وتخطيطها وجماليتها جزء مهم من الصورة الأولى للمدينة والتعريف بهويتها ومن تشكيل الانطباع الأول لدى الزائر¡ وحيث إننا قد انعتقنا أخيراً من زمن يظن فيه أن الصورة تفضي إلى الشرك¡ فإني أرى أنه من المفيد والمهم أن يعاد النظر في حسن ورونق الميادين العامة وبهجة الشوارع والطرقات لاستقبال العالم¡ فمن يزور عواصم العالم الأول يجد أن أحد أهم العناصر التي استندت عليها بلديات المدن في جمالية شوارعها هو استثمار الفن والثقافة على أرصفتها عبر التماثيل والنصب لشخصيات وأحداث مهمة ساهمت في ازدهار ورفعة البلاد.
فمثلاً مثول نصب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تشرشل في لندن هو احتفاء دائم بما قدمه وعلامة على أن ما وصلت له المدينة لم ينشأ في يوم وليلة إنما امتداد لتاريخ طويل أثثه وطنيون متفانون في خدمة وطنهم في مختلف المجالات¡ أيضاً تشجيعاً للعطاء وتأكيداً على أن البلاد تقدّر من يقدرها وتتذكره.
وإلى جانب دور الصورة في التأريخ الوجداني الأعياد والعطل الرسمية المقرونة بأحداث ومواقف تاريخية استثنائية¡ فهي أداة تذكارية وتوثيقية ابتكرتها معظم الأديان والشعوب للاحتفاء والاحتفال بالحياة وبالإنجازات.
وإننا نحتفل منذ 2005م باليوم الوطني كعطلة رسمية بعد أن أقره جلالة الملك المغفور له عبدالله بن عبدالعزيز¡ فهل من الممكن على سبيل الذكر لا الحصر أن يخصص يوم (15) يناير كيوم عيد للاحتفال بذكرى فتح الرياض وإنشاء القوات المسلحة حيث كلاهما حدثا في اليوم نفسه..¿
ولدينا الكثير لنحتفل ونحتفي ونتباهى به.




http://www.alriyadh.com/1688636]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]