لو أن أحداً تحدث أو كتب قبل 10 سنوات فقط أن هناك حرباً تجارية عالمية سوف تندلع لما صدقه أحد. ولو أن الحديث كان يدور بين الولايات المتحدة والصين لهان الأمر. أما بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فلا. فهذان الفضاءان الضخمان منذ الحرب العالمية الثانية أي منذ العام 1945 وهم حلفاء وجبهة واحدة. فهما كانا دائمًا في السراء والضراء. أقول من الصعب أن يصدق أحد أن هذا التحالف العسكري والثقافي والأيديولوجي سوف يتصدع. فما دهى القوم حتى يمسكون بتلابيب بعضهم البعض. فالجميع يمكن شاهد الصورة التي حظيت بمشاهدة واسع في وسائط التواصل الاجتماعي للرئيس الأميركي جالس وهو ضام يديه على صدره (جافت) وأمامه المستشارة الألمانية تخطب عليه ومن حولهم زعماء مجموعة في كندا. إنها بالفعل صورة معبرة التقطها الصحفي الألماني.
أعتقد أن العالم يعيش مرحلة انتقالية منذ أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة. فهذه الأزمة قد شكلت حد فاصل بين نظامين عالميين. الأول هو النظام العالمي الذي انبثق بعد انتهاء الحرب الباردة العام 1989 بعد توقيع جورباتشوف وبوش على نهايتها في جزيرة مالطا. ولكن بعدما يقارب من 20 عامًا دخل هذا النظام في أزمة العام 2008. ومن وقتها وهو يعيش مرحلة انتقالية إلى نظام عالمي آخر لا زلنا نعيش مخاضه حتى الآن.
إن العالم بالفعل في وضع يشبه ما كان عليه نهاية الثلاثينات من القرن المنصرم عندما كانت الأزمة الاقتصادية تطحنه على أثر الكساد العظيم. وقتها جاءت الحرب العالمية الثانية لتحرق معها الاقتصاد العالمي المنهار ليتم بناؤه بعدها من جديد. والاقتصاد العالمي اليوم ليس أحسن مما كان عليه العام 1939. الاختلاف أن الحرب العالمية الثالثة لن تقع نتيجة السلاح النووي. ولذلك فإن الحروب التجارية العالمية هي البديل عنها. فهذه الأخيرة¡ التي نراها الآن¡ تستهدف إعادة تحميل الاقتصاد العالمي من جديد ولكن دون حرب عالمية ساخنة. أي حرقه كما حرق ذاك خلال 1939-1945.
إذ ليس هناك شك أن الصراع التجاري بين الفضاءات الاقتصادية الجبارة سوف يشتد خلال الفترة المقبلة. وربما يكون الاتحاد الأوروبي أحد ضحايا هذه الحرب¡ مثلما كان في الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها أوروبا مضعضعة ذليلة. ولكن ما هو مستقبل الصين في هذه الحرب وهل تنكفئ مثل اليابان وتقتنع بما حققته¡ أم أنها سوف تخوض الصراع الاقتصادي الضروس حتى النهاية - وكيف سيكون النظام العالمي القادم بعد هذه الحرب الاقتصادية الكونية¿ إن ذلك كله سوف يعتمد على ما سوف تنتهي إليه الصراعات الاقتصادية العالمية التي نراها اليوم.




http://www.alriyadh.com/1689090]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]