يوافق اليوم الموعد الذي حدد للسماح للمرأة بقيادة السيارة. وبموجب هذا القرار يخوض المجتمع تجربة جديدة في التحول¡ الذي رافقه جدل وتردد¡ حتى أخذت القيادة على عاتقها رفع الخلاف. ويأتي ضمن هذا التحول تمكين المرأة في المجتمع¡ التي تؤدي دورها في كثير من المجالات¡ وهي التي تعد الأعلى تأهيلا والأكثر قدرة على تولي مسؤوليتها¡ وتمثيل دورها في التحول الذي تقوده الدولة.
إن استقبال التحول في مجتمعنا يصاحبه كثير من الريبة والحذر. فمع ضعف مساهمة مجتمعنا في تشكيل الحداثة بكل ما فيها من تقدم علمي ومفاهيم فكرية جديدة¡ أصبح المجتمع مستقبلا لسيل من المؤثرات التي لا يملك قدرة على معالجتها. ومع تسارع التقدم العلمي الذي مكّن للعولمة اليوم أن تمتد إلى أرجاء العالم لتقترح نموذجا موحدا للحياة الاجتماعية¡ حافظ مجتمعنا على هويته ونمط حياته¡ حتى أصبحت هذه الهوية علامة مميزة للمحافظة الإيجابية. للمجتمع تحولاته الداخلية التي لا بد أن تأخذ مجراها. لذلك¡ يأتي دور الدولة الاجتماعي في إدراك التحولات الاجتماعية الداخلية وإدارتها. وقيادة المرأة للسيارة أحد أوجه التحول الاجتماعي الداخلي¡ الذي يأتي نتيجة عوامل عديدة¡ منها ارتفاع مستوى التعليم عامة¡ ومستوى تعليم المرأة خصوصا.
من أوجه التحول الذي تمر به المملكة هو الوعي بصورتنا أمام العالم. كانت لقاءات كأس العالم الأخيرة بمشاركة منتخبنا أحد المؤشرات المهمة لتطور هذا الوعي. كان اللقاء الافتتاحي حدثا تاريخيا للرياضة السعودية¡ ولم تكن الهزيمة الكبيرة التي صدمت المجتمع إلا كاشفا لهذا الوعي. أصبح الشعور العام منصبا على موقعنا من العالم¡ وإن كان رياضيا مؤشرا للطموح الكبير¡ الذي صاحبته خيبة كبيرة¡ عندما جاءت النتيجة بعيدة عن كل التوقعات. هذا الشعور العاطفي الكبير¡ الذي خالطه الألم والحزن من مواجهة الواقع¡ هو في الحقيقة وقود التحول الرياضي في المستقبل.
إن محركات التحول الاجتماعي - في رأيي - داخلية في الأساس¡ ومع تنوع هذه المحركات وأوجه الاستجابة لها¡ يمكن تحقيق تطور تنموي حقيقي. إن الوعي بحجم التحولات الاجتماعية التي نحن بحاجة إليها لتحقيق مكتسبات التنمية هو بأهمية المكتسبات نفسها¡ ولا يمكن تحقيقها إلا بها. يبقى سؤال الهوية هو ما يلح على المجتمع عند طرح موضوع التحول. إنه الهاجس الذي لا ينفك من الأذهان¡ ويمثل مصدرا متجددا للخوف¡ وعائقا في كثير من الأحيان. إن نمو الشعور بحتمية التحول كجزء من حركة التاريخ هو جزء من إعادة ثقة المجتمع بنفسه¡ مع إدراك أن الهوية متجددة بطبيعتها كما أنها متنوعة. إن فكرة التطور في ذاتها تحمل في طياتها تحولات عديدة¡ تحدد الاستجابة لها نوع التطور ومداه. إن عدم الارتياح إلى التحول أمر طبيعي بكل مخاوفه وهمومه¡ إلا أن الرضوخ لهذه المخاوف والهموم خطأ تاريخي لا يغتفر.




http://www.alriyadh.com/1689147]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]