قرأت قبل يومين خبراً يقول إن الجوازات أنزلت عقوبات على ناقلي الحجاج من دون تصريح¡ تضمنت العقوبة تشهيراً وغرامات مالية وسجناً وإبعاداً عن البلاد لغير السعوديين¡ أول مرة أرى عقوبات جادة تنزل على المتلاعبين بالأنظمة. عقوبة التشهير مهمة جداً لكنها في هذه الحالة لا قيمة لها¡ الجريمة مرتبطة بتسهيل حج بعض الناس وبالتالي لن يراها كثير من الناس جريمة وربما يرونها مساعدة يؤجرون عليها.
الخبر شبه مقطوع¡ خارج عن سياقه¡ خبر كهذا يفترض أن يذاع في سياقه لكي يتضح للناس عظم الخطأ الذي ارتكبه هؤلاء.
مهما بذلت المملكة من جهود في توسعة الحرمين والتسهيلات التي تقدمها لضيوف الرحمن سيبقى الأمر رهينة للواقع. جزء من الخدمات التي تقدمها المملكة تنظيم عملية الحج¡ إعطاء فرصة لكل مسلم لكي يؤدي الفريضة¡ تكرار الحج لا يضيف للمسلم شيئاً¡ بل بالعكس يتوجب على كل مسلم أن يسهل لأخيه المسلم أداء فريضته.
هؤلاء لا يدركون عظم المخالفة التي يرتكبونها¡ الحج لم يعد مجرد شعيرة عادية¡ أصبح التزاماً قانونياً وأمنياً وصحياً وغيرها من الخدمات التي تقدمها الدولة لضيوف الرحمن¡ هذا الالتزام يقوم على دراسات استيعاب¡ نحن نتعامل مع ملايين من البشر يأتون من أجناس وثقافات وخلفيات ولغات وأعمار مختلفة¡ بينهم المسن والجاهل والبسيط ذكور وإناث صغار وكبار.. إلخ. مهما بذلت الدولة من أموال وجهود لتسهيل الحج على أكبر عدد من المسلمين تبقى المشاعر المقدسة محدودة المساحة مما يستدعي الالتزام بالقوانين وأعداد الحجاج.
وجود المسلم في المملكة لا يعني أن مكانه مضمون خصوصاً إذا سبق له أن أدى هذه الفريضة¡ فريضة الحج تكفي مرة واحدة في العمر¡ خدمة الحجاج لا تتوقف على الأجهزة الرسمية¡ كل مواطن سعودي يجب أن يقوم بدوره¡ من لم تتح له الفرصة أن يقدم خدمة مباشرة فعلى الأقل أن يكف عن مضايقة الحجاج¡ نعرف أن كثيراً من هؤلاء الحجاج يصرف جزءاً كبيراً من عمره وماله في انتظار اليوم الذي يستطيع فيه أن يرى بعينه الكعبة الشريفة¡ الحج حلم يبدأ عند كثير من المسلمين من لحظة إدراكهم لوجودهم. يتم التخطيط له بعناية أكثر مما يخططون لمستقبلهم في الحياة.
لا يكفي أن ننزل العقوبة على ناقلي الحجاج ومهربيهم فالقضية خلل في المفهوم¡ يجب أن يعلم الناس أن الحج مرتان لا يضيف لهم شيئاً خصوصاً إذا كانت الفرصة غير متاحة¡ يجب إقناع هؤلاء أن واجب المسلم في المملكة خدمة الحجاج لا مضايقتهم وإذا تفشى الأمر يجب أن تطال هؤلاء العقوبة أيضاً.




http://www.alriyadh.com/1700271]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]