من أهم أهداف برنامج «جودة الحياة» تحسين نمط العيش للمواطن والمقيم مع التركيز على الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية للجميع¡ وجعل المدن السعودية من بين أفضل مدن العالم..
قبل أسابيع تم تصنيف فيينا عاصمة النمسا كأفضل مدينة ملائمة للعيش في العالم بعد أن كانت مدينة ملبورن في أستراليا هي الأولى في العالم وللسنوات السبع الماضية¡ وهو تصنيف يشمل 230 مدينة حول العالم ويحدد المناطق الحضرية الأنسب للعيش والعمل. واحتلت المدن الأسترالية والكندية والأوروبية المراتب العشر الأخرى¡ وفي العالم العربي احتلت دبي المركز الأول بترتيب 74 عالمياً¡ تلتها أبو ظبي بالمركز 77¡ أما مدن المملكة وهي الرياض وجدة فقد كانت في مراتب متأخرة وفي الترتيب 166 و169¡ واحتلت بغداد وصنعاء ودمشق أسفل القائمة على مستوى العالم.
وتقوم بهذا التصنيف شركة ميرسر¡ وهي شركة عالمية تجري استطلاعاً دولياً عن جودة الحياة في مدن العالم بهدف تزويد الشركات الكبرى والحكومات الأجنبية بمعلومات دقيقة تساعدها على اتخاذ قرارات بشأن بيئة التشغيل ومدى قدرة تلك المناطق على جذب الاستثمارات وتوفير المهارات الرئيسة المطلوبة. وتستند الشركة في تقييمها على معايير من بينها البنى التحتية وخاصة احتياجات الصحة والمرافق والبيئة كجودة الهواء وتكاليف المعيشة والسكن¡ إضافة إلى الأمن والسلامة والاستقرار السياسي وجودة التعليم والحالة الاجتماعية والحوكمة ومكافحة الفساد.
والمملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لم تغفل هذا الجانب¡ فأوكلت لمجلس الاقتصاد والتنمية برئاسة ولي العهد الأمير محمد وضع الرؤية 2030 والبرامج التي تكفل التحول وتلبي احتياجات المواطن من سكن وصحة وتعليم وأمن ومنها «برنامج جودة الحياة» الذي من أهم أهدافه تحسين نمط العيش للمواطن والمقيم مع التركيز على الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية للجميع¡ وجعل المدن السعودية من بين أفضل مدن العالم بعد انتهاء البرنامج في العام 2020¡ ويتطلب ذلك مشاركة الجهات الأخرى في تنفيذه كل فيما يخصه¡ ولذا أرى أن من أهم الخطوات التي ستسهم في تحقيق الأهداف التي من أجلها وضع البرنامج ما يلي:
أولاً: التركيز على المدن الكبيرة في المملكة سيسهم في تقدم ترتيبها في مؤشر جودة الحياة مما يحتم إعطاء هذا البرنامج أهمية بالغة عند التخطيط للمشروعات والخدمات وإخضاع كل برنامج تنموي إلى معايير جودة الحياة¡ فعلى سبيل المثال ضمّنت البلديات وأمانات وهيئات تطوير المدن جميع المشروعات القادمة مواصفات المدن الصحية من تشجير وحدائق كبيرة وتخفيف التلوث السمعي الذي تعاني منه المدن على مستوى العالم¡ ففي بعض المدن الأوروبية يوضع زجاج عازل على جوانب الجسور التي في وسط المدن لحماية الساكنين بقربها من الضجيج الصادر من المركبات¡ كما يتم إيقاف ومعاقبة المركبات التي تسبب التلوث السمعي¡ كما تتوقف رحلات الطيران بعد ساعة معينة في الليل عند وجود مساكن بقرب مدارج المطار.
ثانياً: الحدائق الكبيرة في مواقع مختلفة من المدينة من أهم أسباب جودة الحياةº ذلك أنها تعد مصدراً مهماً لممارسة الرياضة والنزهة¡ كما تعمل كرئة تتنفس من خلالها المدن¡ وتسهم في تقليل آثار التلوث الذي ينبعث من المركبات ويسبب أمراضاً عديدة في الجهاز التنفسي وغيره. وفي لندن على سبيل المثال يوجد خمس حدائق ملكية هي ريجنت بارك وكنسينغتون وغرين بارك وسانت جيمس بارك وهايد بارك¡ وهذه الحدائق تعد من أجمل ما في لندن وأكثرها فائدة¡ كما تتم المحافظة على الغابات المحيطة بالمدن ومنع توسيع رقعتها على حساب المسطحات الخضراء.
ثالثاً: ممارسة الرياضة من أهم أسباب جودة الحياة وهيئة الرياضة تقوم بدور كبير للنهوض بالرياضة على مستوى المملكة¡ لكن الناس بحاجة إلى مسارات كثيرة تحفها الأشجار الكبيرة لممارسة المشي¡ كما أنه من المهم مساهمة المدارس والجامعات لجعل الرياضة مكوناً أساسياً في المناهج لزرع هذه العادة المهمة والضرورية للصحة البدنية والنفسية للطلبة¡ فطلبة اليوم هم آباء وأمهات المستقبل.
أمامنا طريق طويلة حتى تصبح مدن المملكة في مقدمة مدن العالم المتقدم¡ لكن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة¡ وها هي الخطوة الأولى قد اتخذتها القيادة¡ وعلينا أن نواصل المسير بعزم وإرادة ومتابعة وإصرار حتى الوصول إلى الأهداف المذكورة في برنامج جودة الحياة.
لواء طيار متقاعد




http://www.alriyadh.com/1701881]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]