بدأت قصة الأسماء المستعارة مع الكاتبة البريطانية ج. ك. رولينغ وكأنّها قدر فُرض عليها¡ إذ إن اسمها الحقيقي «جوان» كما قالت لا أحد يناديني به إلاّ إذا كان غاضباً مني¡ أما اسم «جو» فهو أقرب إليها وإلى الذين يحبونها¡ وقد حمل دوماً نفحة من الدفء المحبب لقلبها.
ج. ك. رولينغ اختصار لـ»جوان كاثلين رولينغ» بحيث إن «كاثلي» هو اسم جدّتها¡ الذي اختارته ليتوسط اسمها ولقبها¡ حينما اقترح الناشر أن تنشر رواية هاري بوتر الأولى باسم مبهم لا يحيل لكاتبة أنثى بل أكثر لكاتب رجل حتى لا ينفر منه القرّاء¡ وقد وافقت رولينغ مضطرة¡ حتى يخرج الكتاب للقراء¡ بعد أن رفضته عدة دور نشر لأسباب متعلّقة بنسبة الخيال الكبيرة في النّص¡ مستسخفين تلك المخيلة ظناً منهم أن الأطفال لن يحبوا ما أنتجته.
وغير هذا الاسم استعملت اسم «جوانا موراي» لإدارة بعض أعمالها¡ لأسباب قد تعود لحياتها الشخصية المتقلبة آنذاك وهروبها من زوجها.
ثم بعد فترة نجاح¡ قررت أن تخوض نوعاً آخر من الكتابة باسم مستعار جديد هو ألبرت جالبريت¡ ولا ندري السر وراء ذلك الاختيار¡ هل لأن نوع الكتابة اختلف¿ أم لإطلاق شيء جديد بمزيد من الغموض والترويج بطريقة مبتكرة¿ أم لسبب آخر¿ فقد تعايشت «جو» مع أسمائها المستعارة كما لو أنها مجرّد أثواب ترتديها عند الحاجة. لكنها صرّحت أنها تمنت لو أن هذا الاسم ظلّ سرياً¡ وظلت كتبها باسمه تصدر في هدوء¡ دون الضجيج الذي أصبح يحدثه اسمها الحقيقي.
وهذا هو هدف اللجوء للأسماء المستعارة¡ الاختفاء وقول ما يجب قوله دون معرفة الكاتب شخصياً¡ فقد عانى كتاب كثر¡ مَن كشفت شخصياتهم الحقيقية..
في الغالب يحتاج الكاتب لهدوء ليتمم مشروعه¡ ولا نعرف لماذا يتدخل الأقارب والأصدقاء والمعارف والنقاد في أمور الكاتب والضغط عليه لتغيير وجهة نظره¡ أو عرضهم لقصصهم الشخصية لتكون بديلاً لما يبتكره¡ أو أمور أخرى لا تخطر على بال¡ حين يصبح الاسم المستعار هو الدرع الحقيقي الذي يحمي الكاتب من أخطار حقيقية تحدق به¡ لكن ربما في زمننا الحالي وخاصة في الغرب فإن الهدف الأساسي خلف اللجوء لاسم مستعار تسويقي بالدرجة الأولى.
إنه الوضع نفسه الذي فرضته الكاتبة الإيطالية إلينا فيرانتي لفترة طويلة قبل أن تكشف الستار عن شخصيتها¡ لكن إصرارها على بقائها في الظل جعل جامعة بادو تستعين بخبراء من عدة بلدان فقاموا بتحقيق يشبه التحقيقات البوليسية¡ قورنت خلاله أعمالها بقرابة 150 كتاباً لأربعين كاتباً إيطالياً لاكتشاف من يختفي خلف قلم إلينا¡ وتوصلت تلك التحقيقات إلى أن الكاتب دومنيكو ستارنون هو الأب الحقيقي لتلك النصوص¡ وهذا ما جعل نسبة المبيعات تزيد بالنسبة للكاتبين¡ سواء كانا واحداً أو كلاً على حدة..!




http://www.alriyadh.com/1701882]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]