أمني النفس منذ أكثر من سنة بالعودة إلى الصفحات الثقافية. بدأت حياتي مع الكتابة من الصفحات الثقافية وأريد أن أنهيها هناك. ولكن كيف يمكن أن تكون الصفحات الثقافية في زمن الصورة والفيديو والوسائل المتنوعة التي لا تتوقف عن الدفع بالمزيد من التنوع¿
لا يمكن أن أعود إلى الصفحات التي تركتها في أوائل التسعينات. آخر أزمنة الهدوء والبطء ولنقل الرزانة (إذا أردنا المجاملة). في ذلك الزمن كانت الصحف حاضرة في حياتنا. نتابع الصحف السعودية ونلحقها أيضاً بالصحف العربية الأخرى. في كل جريدة سعودية ثمة عدد من الصفحات مكرسة للشأن الثقافي. بلغت في وقت من الأوقات أربع صفحات في الأسبوع وصفحة يومية.
مع انقضاء عقد التسعينات بدأت الصفحات الثقافية تبهت. تراجع فيها الحماسة وبدأ الشباب المتحمسون للوعي الجديد الانسحاب التدريجي من هموم الوعي والثقافة النوعية والانخراط في الثقافة الشعبية. شعراء تم ترسيمهم حداثيين بدؤوا يجربون أنفسهم في الشعر الشعبي. كان الزمن زمن التجريب. القصة القصيرة الحديثة عمل تجريبي والقصيدة الحديثة عمل تجريبي. اكتشفنا أن التجريب لا يتوقف عند استعارة بعض الرموز التاريخية اليونانية أو البابلية والعربية الجاهلية, كما كان يفعل الشعراء العرب السياب والبياتي وخليل حاوي وغيرهم. الذين استعاروا التجريب من الغرب. الالتفات للشعر الشعبي تجريب أيضاً. مع بداية التجربة حصل المجربون على المديح اللازم والتصفيق بكمية معقولة¡ ولكنه كان كافياً للمضي أكثر في التجربة.**امتد التجريب ليضيف بعض تجارب الصحوة. لا أعلم متى بالضبط اقتحم الشعر الشعبي الصحف وفتح لنفسه أربع صفحات أسبوعياً وصفحة يومياً. لم يعد يحتاج إلى صفحات الثقافة ليطل منها. بعد فترة وجيزة أطلت علينا أربع صفحات في كل جريدة تحت عناوين دينية وأكثر من عمود صحفي يومي خصص للفتوى. **
غاصت الصفحات الثقافية في خضم الحياة الجديدة حتى كادت تختفي. التفاتة بعض الشعراء الحداثيين لتجريب القصيدة الشعبية لم يكن أمرًا مدبرًا ولم يكن عملية تجريب كما أدعوا. أصبح التجريب الذي تحدث عنه شعراء الحداثة هو الأصل والأصل الحداثي الذي جاؤوا منه توارى. لم تعد الثقافة الجديدة تجتذب أحداً. بدأت تتحول إلى مذمة في صفحات الجيران الجدد والمنابر وتم طرد بقايا الحداثة والحداثيين. **
منذ التسعينات لم أعد أسمع بشعراء حداثيين جدد¡ أو قصاصين جدد¡ وبالطبع لم يوجد روائيون. كثير من النقاد الذين لمعوا تحت شعار الحداثة أظهروا أنساقهم الثقافية الحقيقية¡ وانحازوا للتحول. عندما أقرر العودة إلى العمل الثقافي الصحفي إلى أي صفحات ثقافية¿




http://www.alriyadh.com/1704096]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]