في تويتر لا تستطيع أن تميز بين الجاد والعابث¡ بين المغرض والصادق¡ بين الوطني والشعبوي¡ بين السعودي والمدسوس¡ تندلع بين فترة وأخرى قضايا بعضها على قدر كبير من الأهمية وبعضها تافه يتم تضخيمه.**القضايا لها عدة وجوه وتجليات¡ عندما تسمع من طرف دون الآخر سترى أنه على حق¡ ثمة نصيحة نرددها عندما يأتيك إنسان يدعي أن خصمه فقأ عينه انتظر فقد يأتي الآخر وقد خسر كلتا عينيه.
تدور هذه الأيام قضية مهمة¡ أطلق شرارتها طالب في جامعة شقراء¡ وقف الطالب وسأل مدير الجامعة: لماذا لا يوجد محاضرون سعوديون في الكلية التي أدرس فيها¡ فرد عليه مدير الجامعة سارداً مجموعة من الأسباب من أهمها أن بيئات المحافظات طاردة والسعوديون المؤهلون يحصلون على فرص أفضل في المدن الكبيرة كالرياض وجدة. لم يقنع رواد تويتر هذا الجواب¡ فانهالوا على مدير الجامعة بالنقد والتقريع والاتهام وندر من انتصر له. امتدت القضية بأن تبرع عدد من السعوديين المختصين وأعلنوا استعدادهم (التعاون) مع الجامعة وآخرين أبدوا رغبتهم الانتقال والعمل بشكل رسمي في الجامعة ثم جاءت مجموعة ثالثة وذكرت أن الجامعة رفضتهم رغم توفر الشروط وآخرون قالوا إن ملفاتهم تم تجاهلها بالكامل¡ أثناء هذا الكلام والتقاذف واللغو أصدرت الجامعة بياناً أوضحت فيه رغبتها وجديتها في توظيف السعوديين ممن تنطبق عليهم شروط التعيين ولم تفند الاتهامات.
لم أتابع القضية لكي أعرف من الكاسب ومن الخاسر¡ تابعتها لأرى كيف يتعامل الإعلام مع القضايا التي تنطوي على حق أصيل للمواطن ولكنه قد يتحول إلى ميدان خصب للشعبوية وتصفية الحسابات.
هذه القضية هي أفضل نموذج لنتعلم منه الفرق بين الصحف التقليدية والسوشل ميديا¡ عندما تتابع القضية في تويتر ستلاحظ أن هواك هو الذي يشكل رأيك¡ مهما بذلت من جهد لتشغيل عقلك ومنطقك ستبقى أسير أصحاب الأهواء. هل من العقل والمنطق والوطنية أن تتخذ موقفاً وطنياً خطيراً سطره مجهول يكتب من وراء حجاب.
الصحافة الرسمية والعريقة هي ميدان الرأي المسؤول وتكافؤ حق الحديث والتعبير عن الرأي¡ من التقاليد العريقة أن المسؤول في الدولة متهم حتى ولو ثبتت براءته¡ هذا ليس في المملكة ولا في العالم الثالث ولكن في العالم أجمع حتى وإن كان منتخباً بالإجماع.
أعتقد أن تحقيقاً موسعاً في جريدة عريقة كجريدتنا هذه حول القضية سيزيل كمية الغموض الذي أثاره اللغط الذي ساد.
الاتهام باستغلال (حق الندرة) موجه لكل الجامعات السعودية لا جامعة شقراء فقط¡ بل إن قانون حق الندرة أصبح محل تساؤل لما ينطوي عليه من سلبية خطيرة.
تقاذف القضية في تويتر لا يسمح أن تعرف أين ولجت الكرة¿ أظن أن كرة هذه القضية ولجت في مرمى الصحافة الجادة التي تخلت عن دورها وتركته نهباً للأهواء.




http://www.alriyadh.com/1705281]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]