بطبيعة الحال أثبتت تجارب دول العالم كلها أن المحرك الرئيس لإحداث التنمية هو الاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم والتوظيف¡ وبلا شك يُعدّ إنشاء الجامعات رافداً أساسياً في هذا الجانب¡ وكثير من المدن تطور مستوى التنمية والخدمات فيها بعد إنشاء المدن الجامعية بها.
التوسع الذي تبنته الدولة - رعاها الله - في إنشاء الجامعات في مدن ومحافظات المملكة بحيث لا تخلو محافظة من محافظات المملكة من وجود كلية من كليات التعليم العالي كان له دور رئيس في رفع مستوى المعرفة والتنمية البشرية والمكانية¡ حيث إن التعليم العالي يمس جميع شرائح المجتمع وهو المحرك الأساس للتنمية وعالم الأعمال.
إن فكرة وجود جامعات في المحافظات جاءت لأغراض تنموية¡ ولإنعاش اقتصادات المناطق البعيدة عن العاصمة والمدن الكبرى¡ وتأمين فرص التعليم القريبة من دون الحاجة إلى الهجرة نحو المدن الكبرى¡ ومن ثم توفير فرص عمل لسكان تلك المناطق والمحافظات¡ ومع تجربة المملكة في التوسع بإنشاء الجامعات خارج المدن الكبرى حصلت تنمية مكانية جيدة في المدن التي أقيمت فيها تلك الجامعات لكنها دون المستوى المأمول منها في ظل إخفاق التنمية الإقليمية في المناطق بشكلٍ عام¡ فالمحافظات والمدن بحاجة لتقوية دورها الوظيفي والمكاني من خلال توجيه مزيد من الخدمات والمرافق لتستطيع المنافسة في جذب الهجرة السكانية العكسية واستقطاب السكان من المدن الكبرى¡ وهذا يتطلب الاستغلال الأمثل لموارد وقدرات المحافظات لتنفيذ تنمية حقيقية في ضوء الإمكانات والمزايا النسبية التي تتمتع بها.
وفي وقتٍ مضى أُعِدَّت استراتيجيات ومخططات التنمية الإقليمية لكافة مناطق المملكة¡ إلا أنها وللأسف لم تضع بصمة على الواقع التنفيذي في إحداث التنمية المنشودة ولم تواكب مخرجاتها احتياجات بعض القطاعات الخدمية وبالتالي لم يكن لها أثر حقيقي في تحقيق التنمية المتوازنة.
إن التقييم المستمر للموارد ومقومات التنمية المستقبلية وإعادة تقييم الحراك السكاني ومراكز الثقل العمراني ومتابعة المتغيرات الإقليمية وخاصة السكانية مع إعادة النظر في التوسع العمراني في المدن الكبرى وتوجيه التنمية نحو المحافظات ونقل بعض الأنشطة والوظائف من المدن الكبرى وتوزيعها في المراكز والمحافظات سيؤدي إلى إحداث النقلة التنموية التي ستساعد في توطين وجذب السكان وارتفاع مستوى الخدمات وزيادة حجم الأعمال والاقتصاد وجذب استثمارات القطاع الخاص الذي يبحث عن المواقع التي يوجد بها ثقل بشري واقتصادي.




http://www.alriyadh.com/1705274]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]