«خطرت لهم فكرة غريبة جداً بأن يعيشوا مثل المشردين¡ ويحفظوا الكتب عن ظهر قلب¡ فكان كل واحد منهم يحفظ كتاباً واحداً من ألفه إلى يائه فيغدو معروفاً بعنوان الكتاب. لقد كانوا كتباً بشرية.. يمثلون مكتبة متحركة»
(أفنسو كروش)

تعددت الكتب التي تشيد بالكتب التي تحث على القراءة في جميع أنحاء العالم¡ فمنذ ظهر الكتاب على وجه البسيطة وهو محط الاهتمام من قبل من يقدرون المعرفة ويعرفون قيمته ومدى الفائدة المرجوة من الحصول عليه وقراءته¡ بل الجري وراء الكتب في المطابع¡ ولا يزال الاهتمام بالكتاب المطبوع يلقى الرواج ويجد المتلقين على المستويات كافة حتى إن مزاحمة الكتاب الإلكتروني لم تؤثر سلبياً بل كانت إيجابيتها متفوقة على ما كان يتردد على بعض الألسنة والأقلام¡ فالكتاب الذي يكون مصدره الموقع أو المحفوظ في الجهاز ومع تداوله لا تكون له القيمة المؤثرة حتى يكون في كتاب ورقي¡ فكم من الأعمال التي لم تُشع وتسلَّط عليها الأضواء وتلاحقها العيون إلا بعد أن خرجت من الجهاز وتمثلت في صفحات من الورق.
إن معارض الكتب التي تكبر وتزداد عاماً عن عام أو شهراً أو يوماً بعد يوم حيث تقام تحفل بالكتاب المطبوع وتقدمه وتجله¡ وهي لا تغفل ما توصل إليه العلم الحديث من استخدام السوشل ميديا في نشر الثقافة إذ تخصص لها الأماكن اللائقة بها حيث يتوجه إليها عشاق الكتاب الإلكتروني¡ ومع ذلك لا يقف المتابع للشؤون الثقافية وهو القارئ النهم الباحث عن المعرفة والمتشوق للتزود بما يفتح الآفاق أمامه فالمستقبل يحمل الكثير من المفاجآت¡ والكتاب المطبوع هو بدوره يحمل الكثير من المؤمل وما تحقق ويتحقق في الشأن المعرفي المراد تمركزه على خلفية صلدة كقاعدة انطلاق نحو الآفاق.
ما أشرت إليه من العناية بالكتاب من قبل المهتمين به كان في كتب علمية¡ ودراسات¡ وبعضها في كتب سير حيوات بعض الكتاب¡ وشيء من المختارات التي تعدد فوائد الكتاب والقراءة¡ ولكن الجديد اللافت هو ما ظهر فيما تضمنته رواية الكاتب أفنسو كروش بعنوان (الكتب التي التهمت والدي) الصادرة عن دار مسكلياني 2018 بترجمة سعيد عبدالواحد¡ فالرواية بفصولها تتحدث عن قارئ نهم يحب الكتب حتى إنه في عمله الرسمي يصطحب معه الكتاب فما أن تحين فرصة حتى يبدأ يقرأ¡ أو قد يختلس من فترة العمل ساعات ليقرأ وهو يتظاهر بالعمل¡ وأعفي من العمل بعد اكتشاف أمره من رئيسه ولكنه أمعن في الغوص في أعماق الكتب¡ فابنه شخصية الرواية الرئيسة «فيفالدو بونيفين¡ يحكي عن أبيه وهو يتتبع دروب ومسالك والده في رحلاته القرائية¡ ومن خلال التهميشات أو التعليقات التي وجدها في مكتبة والده بخط يده يذهب في البحث عن سبب التعليق أو الهامش وصور الأغلفة والعناوين كلوحات في الرواية ويدخل من الأبواب الضيقة ليجد المتسع في «أمهات الكتب في الأدب الكلاسيكي مثل جزيرة د. مورو¡ ود. جيكل ومستر هايد لروبرت لويس ستفنسون¡ والجريمة والعقاب لدستويفسكي¡ وفهرن هايت (451) لراي براد بري.. رحلة ذهينة ممتعة وشاقة في الوقت نفسه في مواجهة شتى أنواع المخلوقات الخيالية ونماذج من المجرمين والقامات الأدبية» كما عرَّف الناشر¡ فرواية فيها وصف للكتب ومراجعة وتصحيح لبعض المواقف المختزنة في الذاكرة هي تشي وتؤكد أن الكتاب المطبوع باقٍ ومتنامٍ مع الوقت فهو الخزانة الحقيقية لحفظ التاريخ والإبداع¡ فعودة إلى التراث العالمي الذي تحمله الكتب ترحل بالباحث والمهتم إلى أعمق أغوار التاريخ. وهي ماثلة في المكتبات العامة والخاصة ومخازن الكتب.




http://www.alriyadh.com/1705898]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]