يقول بيتر دراكر: «لا يمكن لأي مؤسسة أن تبرر وجودها لمجرد أنها تلعب دوراً فعالاً في المجال التجاري¡ بل يجب أن يكون المبرر لتأسيسها هو دورها الفعال في المجتمع»¡ والحديث هنا لا ينطوي فقط على تخصيص حصة من الأرباح أو من رأس المال لخدمة المجتمع¡ بل يمتد إلى الأثر الذي تتركه المؤسسة فيه. دعونا نسقط ذلك على المؤسسات الحكومية¡ إذ نشهد حراكاً متسارعاً في بناء وتنفيذ خطط تحسين جودة الأداء وإضافة العديد من الخدمات والمنتجات النوعية في شتى الحقول¡ وتوظيف الأدوات التي تبث بها إلى مستوى متقدم. ومع ارتفاع التطلعات¡ أصبحت عبارة «لا تخبرني بخططك¡ أرني نتائجك وأثرك» تلوح في أفق المستفيدين¡ وبات استعجال المخرجات مسعى لهم¡ وذلك يدفع بتلك المؤسسات لبحث وتطبيق مصفوفة تحقيق النتائج لخطط وأنشطة التحسين¡ والتي تتعدى الوقوف عند إتمام الخدمة إلى بعد آخر وهو إحداث الأثر في نمو المجتمع وأفراده.
ولا شك أنه عندما نتحدث عن أثر المؤسسات فإننا نرمي إلى النتيجة الكبرى والغاية الأسمى التي لابد أن تصب جميع العمليات في منتهاها¡ نتحدث عن التغيير الإيجابي الملموس في المجتمع¡ فقد استطاعت شركة «أبل» على سبيل المثال تجاوز مرحلة بيع الهواتف النقالة إلى تغيير ثقافة العالم بالتحول نحو الأجهزة الذكية¡ وإدارة الحياة من خلالها¡ بل وغيرت مؤشر بوصلة إدارة المنظمات ليتجه نحو ذكاء الأعمال. نتطلع إلى الأثر الذي يسهم في تحسين ممارسات المجتمع كتغيير العادات الغذائية فضلاً على العلاجات الطبية¡ والتزام السلامة المرورية بدلاً من الخسائر البشرية¡ وتغيير سلوك الموردين نتيجة المنهجيات والقوانين. نتحدث عن البصمة التي تدفع بزيادة نجاحات التناغم الاجتماعي والأسري¡ وتطوير جودة الحياة وزيادة الرفاهية.
وعند صناعة الأثر أرى أن تنتهج هذه المنظمات التخطيط المؤسسي العكسي للأداء والذي يبدأ من نقطة الارتكاز¡ وهم أصحاب المصلحة من المواطنين والمقيمين والمجتمع¡ وذلك عبر تحديد متطلباتهم واحتياجاتهم والمشكلات والتحديات التي تواجههم ومن ثم تحويلها إلى غايات إيجابية بعيدة المدى تتدرج عبر سلسلة من النتائج مروراً بالتحسينات على المنظمة حتى الوصول للمدخلات اللازمة لتحقيق تلك النتائج فيما أسميه «الأداء المؤسسي الموجه بالنتائج والأثر». ولا شك أن اختيار المدخلات من موارد ونحوها ارتباطاً بالنتائج المستهدفة يسهم في مكافحة الهدر¡ وخصوصاً تكدس وتلف المواد غير الضرورية في المستودعات نتيجة عمليات الشراء غير المخطط لها وفق منظومة العمل بالنتائج.
ختاماً أقول: في ظل السعي الوطني للتميز المؤسسي الذي يرتكز على ارتفاع الطموحات والتطلعات¡ لابد أن تسعى هذه الخدمات إلى رفع هرمون السعادة لدى المتعاملين¡ ليس ذلك فحسب بل أرى ضرورة انتقال آليات المؤسسات الحكومية من محطة قياس رضا المستفيدين إلى قياس مستوى السعادة التي تحققها تلك الخدمات لهم¡ والتحسين عليها حتى تظفر بنجاح مثلث الغايات.. تحقيق النتائج¡ صناعة الأثر¡ رسم السعادة.




http://www.alriyadh.com/1705914]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]