اليوم الوطني اليوم يختلف عنه قبل عشر سنوات وأتوقع (بما يشبه المؤكد) أن اليوم الوطني بعد عشر سنوات سيختلف عن اليوم الوطني اليوم.
إحساس الناس اختلف¡ لم تعد القضايا الدولية والصراعات الخارجية من هموم الشباب. أخذت همومهم الشخصية تتداخل مع هموم وطنهم. لم يعودوا ينظرون إلى أنفسهم كأداة تستخدم لنصرة قضية خيالية هنا أو قضية هناك في هذا العالم¡ إذا واجهت المملكة مشكلة اقتصادية أو قضية خارجية يتفاعلون معها كشيء يمسهم ويؤثر على حياتهم اليومية¡ انحصر نطاق وعيهم في حدود بلادهم¡ يمكن أن تلمس ذلك من الحرب في اليمن¡ من فوائد هذه الحرب الضرورية أن أزالت التداخل بين النظرة الأيديولوجية والمصلحة العليا للبلاد. لم يعد الشاب السعودي يرى الحرب الدائرة في اليمن كحرب بين السنة والشيعة أو حرب لنصرة طرف ثقافي على آخر كما حاول البعض تصويرها عندما بدأت. تلاشت الأصوات التدويلية¡ أصبحت حرباً وطنية فرضت علينا يجب أن نخوضها بصرف النظر عن ملة العدو.
قبل عشر سنوات لم يكن كثير من الشباب يعرف ما تعنيه كلمات كـ برنت والثقيل النفط الخفيف.. إلخ¡ ولماذا يقيم النفط بالدولار وما الذي تعنيه كلمة الناتج المحلي. كانت تلك الأمور الاقتصادية خارج اهتمامهم. كانوا مشغولين بالهموم العالمية¡ في أغلب الأحوال لا يعرف كثير من منهم ما الذي يعنيه بطالة وخلق وظائف وقطاع عام وقطاع خاص¡ رغم أن الاقتصاد السعودي حر ومفتوح كان وعي الناس الاقتصادي أقرب إلى المفهوم الاشتراكي¡ يطمع الشاب في وظيفة حكومية للراحة والكسب الكسول وينحصر طموحه في حدوده الدنيا¡ ثمة موانع نفسية تكيفت معها الأنظمة والقوانين فأصبحت وظائف القطاع الخاص ملقاة على عاتق غير السعوديين¡ لا يتخيل السعودي نفسه جالساً في بقالة أو مسؤولاً عن بيع قطع غيار السيارات أو طباخاً في مطعم. حالة سيكولوجية غريبة صنعتها الدولة الريعية بالتعاون الوثيق مع دعاة التغريب الفكري والتدويل.
في اليوم الوطني بعد عشر سنوات سنلتقي بمواطن سعودي مختلف تماماً¡ ستختفي من ذاكرته بقايا نافيات الوطنية وستشغله دنياه عن دنيا الآخرين وسيعلم أن حياته ومستقبله مربوطان بما كسبت يداه¡ لن يجد نفسه متكبراً على حقوقه وواجباته أو مغيباً عنها.
دفع الناس نحو هموم وطنهم يحركهم نحو الحضارة الحديثة¡ يطور عندهم الحس المرتبط بالمصالح¡ ستكون المرأة مشاركة بالكامل في العمل¡ وستكون الفرص الاستثمارية الوطنية الاستراتيجية كالشواطئ والأماكن السياحية والمواقع الاستراتيجية والآثار متاحة للربح بعد أن يرفع عنها المواطن السعودي القيود الوهمية وإذا أضفنا على ذلك الحريات الشخصية التي ستزداد يوماً بعد يوم فنحن نتجه إلى مواطن سعودي جديد. سنرى كيف يحتفل بعيده الوطني بعد عشر سنوات.




http://www.alriyadh.com/1706280]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]