قبل الحديث عما بعد إدلب يسأل الجميع كيف ستدار أزمة إدلب¿ الأمر الوحيد المتفق عليه من قوى العالم كله قتل أعضاء تنظيم النصرة كافة وخاصة الأجانب منهم¡ لا يوجد دولة على استعداد أن تستقبل مواطنيها ممن التحق بالمنظمات الإرهابية¡ كمية من البشر لا يمكن تكييفهم وإعادة تأهيلهم ليصبحوا مواطنين صالحين ولا يمكن محاكمتهم لتتورط الدول بإعدام آلاف البشر بطرق قانونية أما سجنهم فسوف يقود الدول إلى محنة غوانتانامو الذي أوقعت الولايات المتحدة الأميركية في مأزق أخلاقي كبير¡ أينما بحثت عن حل ستصل إلى الحل الوحيد المتاح: قتلهم في سورية¡ لا شك أن هؤلاء يعرفون أن مصيرهم اقترب وأن النجاة الوحيدة لهم أن يموتوا ببسالة.
عشرات الآلاف ممن ينسبون للإسلام سوف يقتلون بالإجماع دون أن يحصلوا على أبسط حقوق في محاكمة قانونية كما يحدث حتى مع أشد المجرمين ضراوة. مجموعة من الشباب من دول مختلفة أصبحوا أعداء البشرية دون استثناء.
كيف تمت صناعة هؤلاء وكيف أوصلهم شيوخهم وقياداتهم إلى ذلك¿
لا يمكن أن يقبل فكرة الجهاد في المناطق بالشروط التي دارت على الأرض السورية إلا إنسان فاقد القدرة على التفكير البسيط¡ إنسان على استعداد أن يخلط بين الواقع والخيال والأوهام. إنسان لم يعد يملك القدرة على إدراك الواقع كما هو¡ عندما يذهب الجندي مع كتيبته إلى الحرب تكون فرص النصر أكبر من فرص الهزيمة بيد أن هؤلاء ذهبوا بإرادتهم إلى حرب مضمونة الموت حتى الوقوع في الأسر لا يتوفر فيها.
مراجعة البنية الفكرية والثقافية التي انطلق منها هؤلاء والنظر في الكتيبات والنشرات والخطب التي سيقت في الثلاثين سنة الماضية على المستويات كافة هو الإجراء الأقوى الذي سوف يقدم لنا الجواب على ذلك.
فقدان القدرة على التفكير السليم وفقدان الاتصال بالواقع لا يأتي من خلال الدعوة للجهاد أو الوعود بحور العين¡ يأتي من أرضية أعمق وأبعد¡ الإيمان بوعد الله الحق شيء والخرافة شيء آخر.
قبل إحدى عشرة سنة تقريباً ذاع في الرياض أن مستشفى عرقة المهجور تسكنه الجن¡ انطلاق مثل هذه الإشاعة وتقاطر الشباب لتقصي الوضع هو الأساس الذي شكل عقول هؤلاء. الدافع الذي قاد الأولاد إلى المهلكة السورية ليسوا دعاة اللمسة الأخيرة بل التراكم الطويل الذي بني عليه منطقهم ومنطق دعاة الفتنة¡**عندما يصدر كتاب حوار مع جني مسلم ويحقق أعلى المبيعات وعندما يؤمن عدد كبير من الناس أن الطفل الذكر أرشد من والدته المسنة يكون الأمر تخطى حتى حدود الخيال¡**تراكم هذا التغييب الذي فرض منطقه على هؤلاء الشباب ودعاتهم وعلى شريحة من المجتمع هو الجذر الذي أوصل الشباب إلى هذا الجحيم.




http://www.alriyadh.com/1706900]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]