بتدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مشروع قطار الحرمين تكون المملكة قد خطت خطوة كبيرة للأمام نحو بناء شبكة النقل العام المتطورة. فهذا النوع من المواصلات كان وإلى الأمس القريب غير مواكب للتغيرات التي شهدتها المملكة بعد طفرة أسعار النفط عام 1973¡ فخط الرياض الدمام الذي يمر بالأحساء هو من الخطوط القديمة التي سبقت ارتفاع أسعار النفط. فخلال ما يقارب الـ45 عامًا الماضية لم نشهد تطور النقل الجماعي بين مناطق المملكة بالشكل المطلوب. أما النقل الجماعي داخل المدن فهو في حالة يرثى لها.
ولكن هذا كله سوف يتغير. فقريبًا سوف يتم تشغيل خطوط المترو في العاصمة ومعه شبكة النقل الجماعي لتحل محل الباصات البرتقالية القديمة التي سوف تتقاعد قريبًا. فهذا الإنجاز إذا ما أثبت جدواه فإنه سوف يكون قدوة لبقية مدن المملكة الكبيرة مثل جدة والدمام. فنحن بدون تطور شبكة المواصلات العامة داخل المدن لن نتمكن من خفض التكلفة الاقتصادية.
إن عواصم العالم الكبرى وكذلك المدن المزدحمة لا يمكنها تلبية الطلب المتزايد للفعاليات الاقتصادية على الموارد دون امتلاك شبكة مواصلات عامة متطورة تربط كافة مرافقها ومفاصلها الحيوية مع بعضها البعض. فبدون هذه الشبكة لا يتمكن المشاركون في العملية الاقتصادية من ضمان وصول الموارد اللازمة لنشاطهم في الوقت المحدد بما فيها الموارد البشرية¡ وهذا له فاتورة مرتفعة¡ والتكلفة ليست فقط على قطاع الأعمال وحده. فعدم تطور شبكة المواصلات العامة يضغط على شبكة المواصلات الخاصة¡ ولهذا فإن الموظفين والعاملين يدفعون أيضَا تكلفة ذلك إما من جيوبهم وإما من وقتهم.
من ناحية أخرى¡ فإن عدم تطور خطوط سكك الحديد بين مدن المملكة يؤدي إلى الزحام على الطرق السريعة نتيجة حركة الشاحنات بين المدن لتلبية طلب الفعاليات الاقتصادية في مختلف أنحاء المملكة¡ وليس الزحام وحدهº فهناك المخاطر الناجمة عن تسابق الشاحنات للوصول إلى هدفها بأسرع ما يمكن¡ هذا بالإضافة إلى التلوث الذي تخلفه عندما تدخل المدن لتفريغ حمولتها. فالتكلفة إذًا ليست فقط اقتصادية وإنما بيئية أيضًا.
إن المملكة مقبلة على نقلة مواصلات نوعية خلال الفترة القادمة. فنحن لدينا الأن قطار الحرمين وقطار الشمال الذي ينتظر مرحلة الوصول إلى الجنوب وقطار الرياض - الدمام الذي إذا ما وصل إلى جدة فإن المملكة تكون قد تشابكت مع بعضها بصورة غير مسبوقةº وهذا كله إذا ما ترافق مع تطور المواصلات العامة الداخلية بكافة أنواعها¡ مترو وباصات وتاكسي¡ يعني تحقيق المملكة لنقلة حضارية سوف تحس بها كافة مرافق الحياة¡ وعلى رأسها الفعاليات الاقتصادية.




http://www.alriyadh.com/1707538]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]