أحد أهم علامات نجاح وسيلة إعلامية ما¡ هي أن يتناقل الجمهور أخبارها كدليل إثبات ومصدر موثوق للمعلومة. وهذا ما يحدث الآن مع روسيا اليوم¡ التي تموضعت مؤخراً في عالم المؤسسات الإعلامية وأصبحت خلال سنوات قليلة مصدراً موثوقاً للخبر. ورغم أن هذه الشبكة تخدم الأجندة الروسية بكل تفان¡ إلا أن ذكاءها في التناول الإعلامي جعل تلك الأجندة خفية لدى الغالبية العظمى من المتلقين. وبالتالي سهّل تمرير الرسالة التي تريدها الحكومة الروسية للمتلقي.
ورغم أنه لم يعرف عن الروس تميز سابق في الإعلام¡ دولياً على الأقل¡ أو مؤسسات عريقة مؤثرة كما هي الحال في أميركا والمملكة المتحدة. إلا أنها استطاعت في وقت وجيز أن تشق طريقها وتنافس بشراسة لأخذ حصتها من القراء. ومن يشتغل بالإعلام يعرف مدى صعوبة أن تصل متأخراً وتكسب ثقة الجمهور.
مقومات النجاح الروسي الإعلامي هي خليط من العناصر المهمة. فهم يفهمون جيداً أن المتلقي لا يحب أن يستقي معلوماته من وسيلة تحاول التأثير عليه عبر أجندة معينة¡ لذا فإن المادة التي يقدمونها هي خبرية وتحليلية خالصة¡ إلا أن تناولهم لها واختيارهم لنوع المادة والعناوين والكلمات يتم بحذر وذكاء¡ ويتحاشى تماما الرسالة المباشرة¡ وهو ما يضمن خدمة مصالح بلدهم وفي ذات الوقت لا يترك انطباعاً لدى القارئ أن الوسيلة تحاول التأثير عليه. أما العامل الآخر لهذا النجاح فهو سرعة نقل الخبر مع تحري الدقة والمحافظة على المصداقية¡ وهذا يعود للاحترافية العالية التي يتمتع بها الصحفيون العاملون في الشبكة. وبالمناسبة¡ حرص المسؤولون عن هذه الشبكة على إعطاء صبغة محلية لكل قناة حسب الجمهور الذي تخاطبه. فالعاملون في "روسيا اليوم" الإسبانية مثلاً هم صحفيون إسبانيون¡ وهو ما يعطي مصداقية أكبر لدى المتلقي المستهدف.
من المهم الإشارة هنا إلى أن المشاركة الروسية في الإعلام الدولي¡ لا تقتصر على "روسيا اليوم" فقط¡ إذ برزت مؤخراً شبكة سبوتنيك كلاعب مؤثر قد يوازي في قوته شبكة آر تي مستقبلاً. "سبوتنيك" ولدت قبل أربعة أعوام¡ وهي ذراع قوية لوكالة الأنباء الدولية "روسيا سيغودنيا". وتتحكم بمواقع إلكترونية تقدم مادتها بـثلاثين لغة.
تجربة الإعلام الروسي الدولي تستحق الدراسة كنموذج جاهز للاحتذاء¡ خصوصاً وأننا بصدد تحد إعلامي كبير يتطلب منا التحرك لمخاطبة العالم¡ ليس فقط لنقل رسالتنا وخدمة مصالحنا¡ بل أيضاً للدفاع ضد الهجمات الشرسة التي نتعرض لها¡ الحرب الآن هي حرب إعلامية¡ وعلينا أن نحسن فنونها.




http://www.alriyadh.com/1718934]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]