إن أجمل ما في هذا العالم الذي نعيشه اليوم أن كل إنسان أصبح تحت الرقابة. قد يبدو هذا الكلام مناقضاً للحياة السوية.. تمثل الخصوصية واحدة من أهم حقوق الإنسان الأساسية. لا يقبل الإنسان أن يقتحم الآخرون حدوده وأسراره وحياضه. لكن الأمر لم يعد كما كان في السابق.
عندما بدأ التزاوج بين الكاميرا والجوال قبل سنوات تساءل الناس ما الداعي لربط التقنيتين ببعض. بدا الأمر للكثير ترفاً لا أساس له. معظم الناس في ذلك الوقت لم يكن يهتم بالتصوير. مهام التصوير تقتصر أما على الأعمال كالصحافة والوثائق الرسمية أو الهواية. بعد أن أصبح أمر الربط بين التقنيتين حقيقة قائمة وجد بعض الناس أن في الأمر شيئاً من التسلية. لكن مع انفتاح باب النشر وتطور تقنيات التلاعب بالصور (فوتوشوب) تحول الأمر إلى ظاهرة ثم تحول إلى ضرورة من ضرورات العصر. أصبح الناس ناشرين وكاتبي تقارير ومصادر أخبار وتجسس وتربص أيضاً. الميديا الرقمية أصبحت سلاحاً للخير والشر على حد سواء. الجانب الشرير من الموضوع دفع الحكومات إلى إصدار تشريعات صارمة للحد من الإساءة التي قد تنتج من التصوير والنشر.
التلصص على الخصوصية واحد من أهم وأخطر ما جاءت به الميديا الجديدة. لكن هذا الجانب له منافعه أيضاً.
أتذكر شاركت في دورة الشباب العربي التي أقيمت في مدينة الرباط بالمغرب. بعد وصولنا المغرب جمعنا رئيس الوفد وقدم لنا نصائح وتحذيرات من التورط فيما يسيء لسمعة بلدنا. نحن نمثل الوطن في الألعاب ونمثل الوطن بالسلوك أيضاً. كانت محاضرة عصماء استمع لها المشاركون الشباب ورؤساء المجموعات. بعد نهاية المحاضرة قام أحد رؤساء المجموعات وأكمل دون داعٍ المحاضرة بتهديدات ووعيد وأظهر ورعاً كان يكفي نصفه. كشباب تعاملنا مع النصائح المكملة بالوعيد بكل حكمة واحترام. سارت الأمور على ما يرام يوماً بعد يوم ولكن في أحد الأيام شاهد بعض أعضاء الوفود رئيس المجموعة الورع في وضع لا يليق بشاب صغير طائش. أصبح رئيس المجموعة الورع مضغة في الأفواه لكن الرجل عاد إلى البلاد ومارس أعماله وكأن شيئاً لم يحدث. أتساءل الآن ما الذي كان سيحدث لذاك الرجل لو كان بين أيدينا آنذاك التقنية التي بين أيدينا اليوم.
أؤمن تماماً أن التطور التقني الذي نعيشه اليوم بكل ما فيه من عيوب وتعديات سوف ينهي الرجل أبو وجهين.
سيختفي ما سمي بالمستشرفين والنصائحجية الذين يتعاطون الفضيلة في الظاهر ويخفون عن الناس ممارسات تتناقض مع الفضيلة التي يدعو




http://www.alriyadh.com/1719485]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]