إن الحل السياسي في اليمن هدفٌ أساسي نادت به جميع الأطراف الدولية المُعتدلة منذُ اليوم الأول للأزمة¡ ومازالت تنادي بهº وإن الحلول السياسية للأزمة اليمنية كانت هي المُنطلق الرئيس لجميع المبادرات السياسية المُعتمدة والقرارات الدولية الصادرة..
هل تُحقق المُشاورات اليمنية في السويد ما لم تُحققه اللقاءات والمُؤتمرات والاجتماعات التي عُقدت في المنطقة العربية¿ وهل تُساعد أجواء السويد شديدة البرودة في التوصل لحلول سياسية تُساهم في تهدئة الساحة اليمنية ليتمكن أبناء اليمن في المناطق الواقعة تحت سيطرت الميليشيات الانقلابية من العيش بسلام¿ وهل يستطيع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث من تحقيق ما لم يستطع غيره تحقيقه بين أطراف الفرقاء اليمنيين¿ تساؤلات عديدة يمكن طرحها حول المشاورات اليمنية القائمة في السويد. تساؤلات يتمنى كل مُحبٍ للسلام أن تكون الإجابة عليها إيجابية لتنتهي مُعاناة أبناء الشعب اليمني ويعود السلام والاستقرار لدولتهمº ولكن بكل أسف تظل أُمنيات فقط. أُمنيات تتطلع لها الدول المُعتدلة وتدعو بها قلوب أبناء الشعوب المحبة للسلام وتنطق بها ألسِنَة مُحبي الشعب اليمني. فهل من المُمكن أن تتحقق الأُمنيات في المشاورات القائمة في السويد تحت إدارة غريفيث¿
كان من الممكن أن نكون مُتفائلين على أقل تقدير¡ أو أن لا تكون هناك إجابة حتى تنتهي المشاورات ويعلن البيان الختاميº ولكن غريفيث لم يَدَعْ للتفاؤل مكاناً عندما بادر¡ من غير قصد¡ مُنذ الساعة الأولى لبدءِ المشاورات بإعطاءِ مؤشرات غير إيجابية عن نهايتها. ففي حديثه خلال جلسة افتتاح المشاورات اليمنية في السويد الذي بثه الموقع الرسمي للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن في 6 ديسمبر 2018م¡ قال غريفيث: "هنا وفي الأيام القادمة¡ ستكون لدينا فرصة حاسمة لإعطاء زخم لعملية السلام وللتحرك نحو اتفاق شامل يستند إلى المرجعيات الثلاث¡ وهي مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة¡ بما في ذلك القرار 2216. ستُتاح لكم الفرصة هنا لمناقشة وتحقيق تقدم جِديّ في إطار للمفاوضات يحدد معالم اتفاق السلام واستئناف الانتقال السياسي." حديث يبدو في ظاهره أنه إيجابي وعقلاني وهادف¡ ولكن في مضامينه¡ للأسف¡ يحمل بذور عدم نجاح للمشاورات.
فإذا كانت رؤيته السياسية لإنهاء الأزمة السياسية في اليمن تستند وتقوم على المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية¡ ونتائج الحوار الوطني¡ وقرارات مجلس الأمن¡ فلماذا إذاً تُعقد مشاورات سياسية في السويد¿ فهل يتوقع غريفيث أن تغيير الموقع الجغرافي للمفاوضات اليمنية سيجعل الميليشيا الانقلابية توافق على ما جاء في المرجعيات الثلاث للحل السياسي في الوقت الذي كانت ترفضها سابقاً¿ أم أنه توقع أن وجود ممثلي الميليشيا الانقلابية في السويد يجعلهم يفكرون بطريقة سياسية مختلفة تقبل المفاوضات وتدعو للسلام وترفض العنف وتدين الانقلاب وتُجرم استخدام السلاح. فإذا كان هذا توقعه عند الذهاب إلى السويد¡ وهذه هي أُمنياته التي توقع تحقيقها من خِلال المشاورات هناك¡ فإنه فعلاً يبحث عن الوهم الذي بحث عنه من سبقه من المبعوثين الخاصين للأزمة اليمنية¡ وكذلك وقع به من لا يعرف طبيعة وعقلية الميليشيا الانقلابية. هذه هي الحقيقة التي لم يتوصل لها غريفيث بعدº فهو ما زال حتى هذه اللحظة يتوهم أن هذه الميليشيا الانقلابية من الممكن أن تعرف لغة السياسة والدبلوماسية والمفاوضات. ولكن عند نهاية المفاوضات سوف يُدرك أن هذه الميليشيا الانقلابية¡ ليست فقط لا تعرف إلَّا لغة العنف واستخدام السلاح¡ وإنما أيضاً سوف يعلم يقيناً أنها ميليشيا انقلابية مُسلحة لا تملك قرارها¡ وإنما هي أداة تحت تصرف النِّظام السياسي المُتطرف في إيران. وعندها سوف يُصبح مُوقِناً إيقاناً تاماً أنه كان يبحث عن وهم السلام بحديثه مع ميليشيا انقلبت على كل معاني وقيم السلام السَّامية.
وفي الختام من الأهمية القول: إن الحل السياسي في اليمن هدفٌ أساسي نادت به جميع الأطراف الدولية المُعتدلة منذُ اليوم الأول للأزمة¡ ومازالت تنادي بهº وإن الحلول السياسية للأزمة اليمنية كانت هي المُنطلق الرئيس لجميع المبادرات السياسية المُعتمدة والقرارات الدولية الصادرة. فإذا كان كل ذلك قائماً¡ فمن الأولى والأجدى أن يُطالب غريفيث الميليشيا الانقلابية بتنفيذ المبادرات السياسية والقرارات الدولية ليتحقق الأمن ويعم السلام أرجاء اليمن. فالحلول السياسية قائمة وتحتاج فقط لأن تُنفذ على أرض اليمن الدافئة¡ وليس للحديث عنها في أجواء السويد شديدة البرودة. فعلى أرض اليمن تتحقق الإيجابيات التي نتطلع لها¡ بينما مُشاورات السويد لن تجلب إلَّا الأوهام.




http://www.alriyadh.com/1724616]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]