لقد أنعم الله علينا هذا العام بأمطار خير وبركة غير مسبوقة جرت على إثرها الوديان والسيول في مختلف مناطق مملكتنا الحبيبة وهو ما جعل الدفاع المدني يكرر تحذيراته السنوية للمواطنين والمقيمين لتجنب الدخول أو المرور في هذه المناطق شديدة الخطورة¡ إلا أن "بطاريق السيول" لهم رأي آخر ويصرون كعادتهم على تجاهل هذه التحذيرات الرسمية والتي تفضلت بها مشكورة الجهات المعنية من خلال مختلف الوسائل المتاحة لتوعية المجتمع بمخاطر هذه السيول¡ إلا أن هؤلاء البطاريق يتجاهلون كل هذه التحذيرات وينتشرون في البراري عمداً للبحث عنها واستعراض فنون جنونهم بسياراتهم ذات الدفع الرباعي معتقدين أنها غواصات برمائية دون أي وعي أو إدراك لحجم تلك المخاطر التي قد تؤدي بحياة الإنسان للتهلكة¡ حتى إن بعضهم قد تجاوز بتهوره كل الخطوط الحمراء من خلال اصطحابه لأسرته وأطفاله معه لتصبح معاناة إنقاذهم من قبل المتنزهين ورجال الدفاع المدني مضاعفة¡ ولا أعلم متى سيعي هؤلاء البطاريق أن قوة الطبيعة لا يمكن مواجهتها بما يملكون من مهارات وسيارات لم تصنع لهذا الغرض¡ وأن أفعالهم المتهورة ضرب من الجنون ولا يعكس إلا خواء عقولهم¡ فلقد ثبت علمياً وواقعياً أن وزن السيارة ومهارة قائدها مهما بلغت لن تقاوم دفع السيول الجارفة وقوة الطبيعة الجبارة.
عزيزي "البطريق البري" إن دخولك لمجاري الأودية وتحدي السيول والمخاطر لا يقف عند حياتك فقط بل يتعداها لتعريض حياة الآخرين من المتنزهين ورجال الدفاع المدني للخطر ممن سيبذلون قصارى جهودهم لإنقاذ حياتك ومن معك من الغرق ومن مكابرتك التي لا تمنحك أي امتياز سوى وسام الجهل المطلق بعواقب الأمور وتبعاتها¡ فالشجاعة والبطولة ليستا في إلقاء النفس البشرية في التهلكة¡ فهذا محرم شرعاً ومرفوض منطقاً وعقلاً.
وهنا لا بد أن يكون لوزارة الداخلية والأجهزة الحكومية المعنية من وقفة صارمة تضع حداً لهذا العبث بالأرواح البشرية من خلال إصدار قوانين رادعة تطبق بحق أي "بطريق بري" يحاول أن يستعرض مهاراته الفاشلة والتي تبدأ "بهياط" وتنتهي بالوقوف فوق سيارته طلباً للنجدة والإنقاذ في حال كان محظوظاً ولم تجرفه السيول بعيداً معها لحتمه المجهول¡ إن هؤلاء البطاريق لم يعد لهم أي عذر بعد اليوم فكل التحذيرات والرسائل التوعوية المتكررة لم تدع لأي منهم أي تبرير يحاجج به عقول البشر والأنظمة والقوانين¡ وهو ما يجعلنا نرفض رفضاً قاطعاً مثل هذه التصرفات الرعناء والمطالبة بتطبيق أشد العقوبات بحق مرتكبيها فهي جريمة تعرض حياتهم وحياة الآخرين للمهالك غير المحمودة مع سبق الإصرار والترصد..




http://www.alriyadh.com/1724621]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]