المملكة هي الأجدر والأقدر والأكثر خبرة لتوحيد المسلمين على السلام والاحترام المتبادل¡ تجربة المملكة في الصراع مع الإرهاب ومع المتطرفين وخصوم الحضارة طويلة ومديدة ولا تنسى¡ تتحول هذه التجربة الطويلة على يد الملك سلمان وولي عهده الشاب إلى دروس تعلم منها الشعب السعودي وستتعلم منها الشعوب الإسلامية¡ عانت المملكة من الإرهاب والتفجيرات والقتل المجاني والزج بمنابر المساجد للدعوة للطائفية واستعداء الشعوب واحتقار المرأة وترويج الخرافة لتسفيه العقول.
تجري المملكة تغييرات استراتيجية كبيرة على الاقتصاد والتعليم والحياة الاجتماعية¡ ولكي تنتزع التطرف تدرك قيادة المملكة أنها ليست منبتة في هذا العالم¡ كل ما يحدث في المملكة ينعكس على العالم الذي تنتمي إليه وكل ما يحدث في العالم الذي تنتمي إليه ينعكس عليها¡ لا يمكن أن تصل الإصلاحات في المملكة إلى غايتها دون أن تمد يدها للشعوب الإسلامية على تنوعهم وتناقضاتهم وأن تساعدهم على بلوغ الحد الأدنى من التفاهم القائم على تعظيم قيمة السلام والحرية وحقوق الإنسان.
تلقى الشعب السعودي وكثير من الشعوب الإسلامية في الأربعين سنة الماضية دروساً كبيرة¡ أهمها أن التمترس في المذهب الواحد ومحاربة المذاهب الأخرى أورث تخلف المسلمين والقتل المتبادل واستعداء العالم على دينهم.
عندما أعلن ولي العهد رؤية المملكة 2030 بدت وكأنها تختص بمستقبل المملكة لتعظيم دورها العالمي وبناء المجتمع السعودي على أسس حديثة¡ لكن وعي قيادة المملكة أن الشعب السعودي لا يمكن أن يخطو إلى الأمام دون أن يصطحب معه محيطه الذي يتأثر به ويؤثر فيه جعل القيادة تضع ضمن استراتيجيته الرؤية أن السلام والتقدم هو الإسهام في سلام الآخرين وتقدمهم أيضاً.
مع الأسف لم يحظ المؤتمر العظيم الذي عقد في مكة المكرمة برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز بنصيبه من التغطية الإعلامية¡ مؤتمر سيغير مسار التاريخ. لم يحدث في التاريخ الإسلامي أن اجتمع ممثلو الطوائف الإسلامية الأربع والعشرين المتناحرة في قاعة واحدة وأن يخرجوا بالأهداف العظيمة الموحدة التي انبثق عنها.
النتائج والبيان الختامي للمؤتمر ولغته الجريئة تبرهن أن الشعوب الإسلامية لا تختلف عن الشعوب الأخرى إذا توفرت لها قيادة محبة للسلام وتمتلك الإرادة لتحقيقه.
لا يمكن أن استعرض في مقالة واحدة الأمل الكبير الذي تم تحضيره في هذا المؤتمر ووعد المؤتمرون بالتبشير به. اجتماع واتفاق طوائف حادة التباعد يعكس أمل الشعوب وقياداتها أن الطريق الذي يسير فيه المسلمون لن يمر بعد الآن بالتكفير والإقصاء والكراهية وتزكية الذات¡ الطريق الوحيد لمجد المسلمين كغيرهم اسمه (الحرية) وشعاره (الإنسان أولاً).




http://www.alriyadh.com/1725585]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]