حتى يومنا هذا ما زال توطين الوظائف المتوسطة يرزح تحت رحمة مبادرات العمل¡ التي بدأت تزاحم بأعدادها أعداد العاطلين دون نتيجة تذكر في واقع سوق العمل¡ فاليوم هناك الآلاف من الوظائف المتوسطة المحتلة من قبل أشخاص عاديين¡ لا يمتلكون ما يميزهم عن المواطن إلا رخص الراتب¡ أو العلاقة الشخصية مع مسؤول التوظيف¡ إذا استثنينا منها الوظائف القيادية التي قد تكون لبعضها مسبباتها المقبولة¡ رغم يقيني بتوافرها في شبابنا السعودي¡ الذي أثبت كفاءته متى ما مُنح هذه الفرصة¡ لكن عندما نشاهد استمرار احتلال الوظائف المتوسطة¡ مثل السكرتارية والمبيعات والتسويق والبرمجيات وغيرها من المهن المتوسطة¡ التي لا تتطلب خبرات كبيرة بقدر حاجتها إلى التأهيل فقط من خلال دورات مكثفة¡ فعلينا أن نعيد حساباتنا وتوجهاتنا تجاه برامج التوطين التي ما زالت متأخرة ببحثها عن توطين المهن الصغرى¡ وكأننا لا نمتلك مخزونا استراتيجيا من القوة البشرية العاملة التي تغطي مثل هذه المهن المتوسطة والعليا.
الدولة تكلفت مشكورة بمليارات الريالات¡ من خلال برامج الابتعاث وتشييد الجامعات في مختلف مناطق المملكةº لمواكبة متطلبات وتطورات وحاجات سوق العمل¡ وشبابنا اليوم يمتلكون أعلى الشهادات العلمية والتخصصية من كبرى الجامعات المحلية والعالمية¡ وهو ما يسقط كل حجج الجهات التي تردد عدم توافرها لتتهرب من القيام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه توظيف المواطنين في هذه المهن.
لهذا على الجهات المسؤولة عن هذا الملف الالتفات إلى مثل هذه المهن ذات الدخلين المرتفع والمتوسط بدلاً من ملاحقة المهن الصغيرة التي نستطيع سدها بالعمالة المستوردة كما تفعل غالبية الدول.
إن الهدف من التوطين هو الارتقاء بالمواطنين¡ وتحسين مصادر دخلهم وسبل حياتهم الاجتماعية¡ وإعانتهم على مواجهة مصاعب الحياة¡ لا لتحقيق نسب إعلامية لا تعكس واقع وحقيقة المشكلة¡ ورغم أن أعداد المبادرات التي أطلقتها الوزارة أخيراً في مؤتمرها الصحافي كبيرة العدد¡ إلا أنها ما زالت مجهولة البنود إلى يومنا هذا¡ وهي تضعنا مرة أخرى تحت رحمة المتغيرات المتجددة مع كل وزير جديد¡ دون أن نمتلك رؤية واضحة أو خطة عمل استراتيجية بعيدة المدى¡ فهذه المتغيرات المتعاقبة تعيدنا إلى نقطة الصفر في كل مرة دون تحقيق نتائج تذكر¡ لنبدأ معها من جديد في دورة وعود وآمال تذهب أدراج الرياح عند تغيير الوزير¡ وما زلت عند رأيي بالاعتراف بأساس المشكلة التي خلقها برنامج نطاقات بالاعتماد على الكم لا الكيف هي من خلقت لنا هذه الأزمة¡ ولو عاد كل وزير إلى قواعد بيانات الرواتب لوجد أن السعودة الوهمية هي الناجح الوحيد في برامجهم.




http://www.alriyadh.com/1725591]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]