كتبت في مقالي السابق عن التعيينات الملكية الكريمة¡ وتناولت فيه حجم المسؤوليات الجسيمة على عاتق المسؤول الجديد¡ وأنها تكليف وثقة ملكية حملها ثقيل¡ وليست تشريفا كما يردد بعضهم¡ واليوم سأتناول في مقالي هذا جانباً آخر من حكاية التعيينات الجديدة¡ وما يحدث في كواليس الجانب المقابل للمسؤول¡ حيث إنه مع كل تعيين جديد تتصاعد وتيرة التساؤلات والاستفسارات من بعض أصحاب الشأن من موظفي الجهات المعنية بالتعينات الجديدة¡ فيتهامس بعضهم في أروقة ومكاتب وممرات جهات عملهم عن كل ما يتعلق بشخص هذا المسؤول الجديد¡ فأحدهم تحركه مخاوف إهماله وتقاعسه في عمله¡ فتبدأ مهمات استشفاف شخصية المسؤول الجديد وتاريخه الشخصي والمهني ومدى صرامته في جهات عمله السابقة¡ وانعكاس هذا التعيين على انضباطه وأدائه الوظيفي.
وآخر يمتهن التسلق بالبحث عن أي صلة قرابة قد تجمعه بهذا المسؤول¡ ولو كانت تلتقي معه في جد من العصر الحجري¡ لعله يجد فيها سلماً يتجاوز به أسوار الكفاءة والنظام والأحقية والأولوية والعدالة الوظيفية¡ أو اسماً يتباهى به في أسوأ الحالات لتضخيم نفسه أمام زملائه الموظفين والمديرين المباشرين لبناء حصن وهمي قائم على أمل مجاملة المسؤول المعين في هذا القريب "النشبة"¡ أما طامتهم الكبرى فهي فيمن يعيد ديباجة الثناء والمديح نفسها وحظوظ الجهة المعنية بهذا المسؤول المنتظر¡ الذي سيصعد بهم لمعانقة النجوم¡ وتحقيق النجاحات الباهرة¡ وحل المشكلات المعقدة¡ في مشهد يردد فيه هؤلاء المنافقون إسطوانتهم المشروخة مع تعيين كل مسؤول جديد¡ رغم أنهم طوال حياتهم لم يتطرقوا إلى هذا المسؤول الجديد بكلمة ثناء واحدة قبل تنصيبه¡ وهو ما يؤكد لنا نفاقهم المفضوح¡ فهذه النوعية من الموظفين هي الأخطر على أي مسؤول¡ وتستحق استبعادها من مكاتب المسؤولين وفرق عملهم¡ فأمثال هؤلاء قلوبهم لا تحمل إلا النفاق المريض والرياء البغيض¡ الذي يخدع المسؤول ويجره إلى هاوية العزلة عن حقيقة أداء جهة عمله المكلف بمسؤولياتها.
وهو ما يجعلني أنصح كل مسؤول جديد بطرد هذه النوعيات من محيطه¡ فلطالما كانت سبباً رئيساً في تعطيل خطط وأهداف بعض المسؤولين السابقين ممن وضعوا ثقتهم بهؤلاء¡ وطربوا لثنائهم المزيف¡ فسقطوا في شباك خديعتهم¡ وابحث عن كفاءات مجهولة تقاتل في مكاتبها ببسالة وصمت وعزة نفس تمنعهم من الخروج لتقديم كلمات الثناء والترحيب التي تسلط الضوء عليهم.. إن هؤلاء المثابرين والمجتهدين لا يمتلكون "وجه بن فهرة"¡ ويحتاجون إلى مسؤول يستكشف كنوز جهة عمله¡ فهناك كثيرون ممن لم تخدمهم علاقاتهم الاجتماعية بالظهور¡ أو أنهم ليسوا أطرافاً في شللية تعزز وتبرز بعضها بعضا أمام المسؤول وتنسف جهود المغمورين.




http://www.alriyadh.com/1729946]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]