هناك سؤال أصبح يتكرر عليّ مؤخراً بصيغ مختلفة:
ما رأيك بكـثرة الكتب التي أصبحت تؤلف في السنوات الأخيرة¿

هل ترى ضرورة منع الكـتب الضعيفة من النشر¿

ولماذا لا يتم منع بعض الأشخاص "أو المشاهير" من النشر والتأليف¿

.. أذكر في معرض الرياض الأخير أن السائل ضرب مثلاً بكتاب "توصون شي ولاش" للطفل بوجفين الذي أثار حينها جدلاً كبيراً.. ابتسمت وقلت:
.. هذا الكتاب بالذات حقق مبيعات فاقت معظم الكتب الجادة¡ وأبو جفين "بحكم سنه" يستحق الثناء والتشجيع.. ولكن لماذا لا نترك الحكم للسوق ورأي الجمهور¡ والمؤلف الشاطر يتجاوز الطبعة الأولى!
.. ما يهمني أكثر من الكتب¡ هو ضرورة التفريق بين المبدأ والمحتوى..
فـالمبدأ هنا هو عدم منع أحد من التعبير عن رأيه سواء بكتاب أو جريدة أو منصة إلكترونية.. من حق كل إنسان أن يكتب ويقـول ويعبر عن نفسه - ولا يمكنك حتى إن أردت¡ منع الناس من ذلك..
أمـا من حيث الفعل فقد يكون المحتوى جيداً أو هابطاً¡ قد يناسبك وقـد لا يناسبك¡ قد يتوافق وقـد لا يتوافق مع ميولك وأفكارك.. من حقك رفضه وعدم شرائه¡ ولكن ليس من حقك استغـلاله والاستشهاد به لـقمع المبدأ ذاته "وهو هنا الحق في التعبير والتأليف"..
يجب أن نفرق بين الاثنين كي لا ندخل في قضايا بيزنطية لا ينتهي الجدل حولها.. فـالمبدأ عـام¡ والفعل خاص.. المبدأ نظرية والفعل تطبيق.. المبدأ مطلق والفعل متغير.. المبدأ يسري على الجميع¡ والفعل قد لا يُرضي الجميع.. لا يجوز أخذ الفعل "حتى حين ينحدر مستواه" كحجة لإلغاء المبدأ الذي يسانده...
وهذا التفريق يجب أن يسري على القضايا الاجتماعية كافة التي نختلف حولها بسبب عدم تمييزنا بين المبدأ¡ والتطبيق..
فالترفيه مثلاً مبدأ "يكاد يكون غريزياً لدى البشر" أما التجاوزات السلبية فـفعـل محتمل واستثنائي..
وقيادة المرأة للسيارة مبدأ¡ والاحتمالات السيئة التي قد تحدث "أو تطرح بحجة سد للذرائع" لا يجب أن تلغيه أو تطعن فيه..
وولاية المرأة البالغة حـق ومطلب عام¡ وحين تسيء إحداهن استغلال هذا الحقº يصبح هذا فعلاً خاصاً لا يطعن في المبدأ ذاته "تماماً كما لا يطعن في ولاية الذكور"..
حتى آراؤك الخاصة يا عزيزي ليست مبادئ مقدسة ولا يحق لك المطالبة بتطبيقها كمبادئ عامة.. مجرد مطالبتك بذلك تمنح معارضيك الحق في تطبيق آرائهم أيضاً كـمبادئ عامة.




http://www.alriyadh.com/1729995]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]