تُفاجَأ في مركز جورج بومبيدو للفنون الحديثة بهذا الاسم العربي يتصدر لوحة الإعلان الضخمة "رياض ساتوف"¡ تتشجع للدخول لتكتشف أنه فنان لتأليف القصص الهزلية وهو من أب سوري وأم فرنسية من مواليد العام 1978 بباريس¡ واشتهر**خصوصاً بتأليفه سلسلة القصص التي تحمل عنوان "الحياة السرية للشباب عام 2007 - 2012" الذي استمر ينشر سلسلته لمدة 9 سنوات متواصلة حتى العام 2014¡ حيث يتلخص سر نجاحها في كونها شريطاً ينقل الحكايات مباشرة من ملاحظته للشباب المراهق ولغتهم ولهجة الضواحي ورسائل هواتفهم النصية¡ وفي نفس السياق جاء الفيلم الكوميدي الطويل الذي قام بكتابة السيناريو وإخراجه¡ "الشباب الوسيمين"¡ والذي فاز بجائزة سيزار 2010¡ لأحسن فيلم كعمل أول لمنتج شاب¡ وذلك لكشفه بذكاء في هذا الفيلم لعالم الشباب المجهول للكبار. وإن مؤلفاته جميعها مستقاة من الواقع ومن ذلك حلقاته التي ينشرها مع مجلة "لوبس" بعنوان "دفاتر إيستير" التي تروي أحداث حياة طفلة حقيقية.
وقد تركزت حوله الأضواء مؤخراً كرسام للكاريكاتير حين قام بتأليف كتاب هزلي بعنوان "عرب المستقبل"¡ والذي شرع في تأليفه ونشره منذ العام 2014¡ حيث يقوم مركز جورج بومبيدو بعرض لوحات من ذلك الكتاب¡ الذي يلاقي نجاحاً ويلفت نظر وسائل الإعلام التي تتسارع لاستضافته وإجراء حوارات تستكشف دوافعه ورؤياه المميزة.
رسوم رياض ذكية وطريفة تحمل وراءها رؤية نافذة في المجتمع وخاصة الشباب حوله¡ وهو يقدم رؤياه بذكاء وبحبكة ولغة خاطفة جريئة¡ وسلسلته هذه عن عرب المستقبل هي في حقيقتها سيرة ذاتية عن حياته كإنسان بين الشرق والغرب لتحدره من أب سوري وأم فرنسية¡ حيث يستقصي فيها واقعه وما يواجهه من فصام بين تقاليد الشرق التي صاغت طفولته وعادات الغرب التي تتحدى تلك الطفولة وتمحصها¡ وبالأخص يقوم رياض في كتابته لعرب المستقبل بالانطلاق من واقع العرب الآن¡ يقف متأملاً العالم العربي عن بُعد في تحولاته كافة¡ بدءًا من فوران الربيع العربي وانتهاء بخمود ذلك الربيع وتحوله لكابوس عربي.
رياض ساتوف يبحث لنفسه وللإنسان الهجين عن مخرج أو عن معادلة للحياة بانسجام¡ معادلة للكرامة وللتحقق¡ يبدأ في قصصه وبالذات في كتابه "عرب المستقبل" من الجذور التي لاتزال تتنازعه حيث أمضى طفولته بين ليبيا وسورية حيث تلقى تعليمًا مسلمًا في مدرسة قروية¡ وقد هبط فرنسا مثل مهاجر غريب حين كان في الثانية عشرة من عمره¡ لذا فهو مدموغ ويتقصى في أعماله دمغة تلك الغربة ومحاولات التكيف معها¡ تقص محموم وقاتم لكن في لغة ورسوم هزلية مرحة¡ تصوغ من الألم إشراقة روحية¡ لذا فلقد حصد الكتاب جوائز عدة منها جائزة أنغولم العام 2015¡ وهو واحد من الكتب الفرنسية الخمسة الأكثر ترجمة في العالم منذ صدوره. نجاح يؤكد صدق تجربة الفنان ومخاطبتها لتجارب الشباب حوله.




http://www.alriyadh.com/1737691]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]