الأفضل ألاّ تتدخل أميركا في الشأن الجزائري وأن لا تدعو لاحترام حق التظاهر¡ فهناك مثلٌ عربي قديم يقول:"أهل مكة أدرى بشعابها"¡ وحقيقة أن الجزائريين استمراراً لما كانت عليه الأمور خلال ثورة المليون ونصف المليون شهيد لديهم "حساسية" مفرطة تجاه أي تدخل خارجي في شؤونهم¡ فهم كانوا قد عانوا لمدة مئة واثنين وثلاثين عاماً من احتلال بغيض هو الاحتلال الفرنسي الذي سلبهم الهوية الوطنية والإرادة وصادر حقهم في الاحتفاظ بلغتهم العربية وفرض عليهم اللغة الفرنسية بالقوة.
إنه على الأميركيين أن يتركوا الجزائر وشأنها والشعب الجزائري وشأنه وأن يوفروا نصائحهم لأحبائهم الإسرائيليين الذين بما يفعلونه في فلسطين ومع الشعب الفلسطيني يزرعون في هذه المنطقة الشرق أوسطية قنابل موقوتة متعددة لا بد وأن تنفجر ذات يوم قريب أو بعيد¡ وهكذا وفي كلتا الحالين فإن الثمن الغالي جداً سوف تدفعه الولايات المتحدة الأميركية.
كان على الأميركيين بدل هذه النصائح¡ "المبطنة" بالتهديد¡ أن ينصحوا رئيسهم دونالد ترمب بأن "يكفَّ شرَّهُ" عن الشعب الفلسطيني¡ فالولايات المتحدة لها مصالح "إستراتيجية" في هذه المنطقة العربية ومع العلم أن هناك مزاحمين ومنافسين كثيرين في هذه المنطقة من بينهم¡ بالإضافة إلى الروس¡ الصين والأوروبيون وبخاصة فرنسا في هذا العهد الذي على رأسه إيمانويل ماكرون الذي يعدّ نفسه الوريث الشرعي لـ "شارل ديغول" وأيضاً لـ "نابليون بونابرت".
ولعل ما يعرفه "المقيمون" في البيت الأبيض وهم يعرفونه بالتأكيد هو أن فرانكلين ديلانو روزفلت¡ الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة¡ كان مقعداً نتيجة إصابته بشلل الأطفال ولكنه قد فاز في الانتخابات الرئاسية لأربع مرات متتالية وقاد "الحلفاء" ضد ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية والإمبراطورية اليابانية في الحرب العالمية الثانية وهذا يعني إنه بإمكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه مزاولة مهامه الرئاسية ما دام أن عقله لا يزال سليماً رغم معاناته من شلل مُقعد أدى إلى تعطيل أطرافه كلها.
إنه لا يوجد في الكرة الأرضية كلها من هو أحرص من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه ومن الجيش الجزائري وأيضاً من المتظاهرين في الشوارع على الجزائر ولعل ما لا يعرفه الذين طالبوا الجزائريين ومن البيت الأبيض بـ "احترام حق التظاهر" أنه لولا هذا الرئيس نفسه ولولا حكمته وحزمه أيضاً لكان هذا البلد قد انتهى إلى التشظي والانهيار بعد عشرة أعوام من التذابح والعنف الأهوج¡ مما يعني أنه يجب إعطاؤه الوقت الذي طلبه والفترة الأقل من سنة التي أرادها كي يهيئ الأمور للانتقالة المطلوبة¡ وكي يجنب هذا البلد تلك الفوضى غير الخلاقة التي كان عاشها في فترة سابقة غير بعيدة.




http://www.alriyadh.com/1742607]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]