الحديث عن تطوير البحث العلمي حديث ذو شجون¡ فالبحث العلمي ما زال يعاني من التداخل بين اختصاصات مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووظيفة الجامعات في دعم البحث العلمي..
ربما من المشكلات التي يعانيها تطوير البحث العلمي في المملكة¡ مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية المسؤولة نظامياً عن تطوير البحث العلمي¡ فلنا أن نتساءل ما النتائج التي تحققت من تنفيذ وثيقة السياسة الوطنية للعلوم والتقنية ونحن على أبواب 2020.
بلغ إجمالي الإنفاق على البحث العلمي في المملكة خلال العام 2015م¡ نحو 6.75 مليارات ريال¡ ومن الطبيعي أن يرتفع الإنفاق على البحث العلمي لكونه يشكل واحداً من أهم العناصر التي تعوّل عليها رؤية المملكة 2030 التي يأتي من أهم أهدافها نقل الاقتصاد الوطني من الاعتماد على النفط إلى تنويع الاقتصاد¡ والتحوُّل إلى الاقتصاد المعرفي¡ وزيادة القدرة التنافسية للمملكة عالمياً¡ فالرؤية تسعى إلى رفع نسبة الإنفاق على البحث العلمي من 0,4 % العام 2015¡ إلى حوالي 3 % من إجمالي الناتج المحلي¡ بحلول العام 2020¡ ويأتي هذا الاهتمام بالبحث العلمي لإدراك القيادة بأنه لا يمكن أن يتحقق بناء اقتصاد متنوع دون الاهتمام بالبحث العلمي الذي يعتمد على الإبداع والتجديد والابتكار لتوليد معارف جديدة تتفق مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع.
وعندما نتحدث عن البحث العلمي وتطويره أول ما يتبادر إلى الذهن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والجامعات بما تضمه من نخبة مميزة من أعضاء هيئة التدريس القادرين على المشاركة في البحوث العلمية التي يحتاجها المجتمع وتتوافق مع رؤية المملكة 2030¡ فالبحث العلمي إحدى الركائز الأساسية لوظيفة الجامعة¡ فهل قامت الجامعات بوظيفتها في مجال البحث العلمي¿ وهل تتوافق الأبحاث العلمية مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع¿
حينما ننظر إلى خارطة البحث العلمي في المملكة نجد أن الاهتمام به لا يتوقف على الجامعات بالرغم من أنه إحدى وظائفها الرئيسة الثلاث¡ فمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تشارك في الاهتمام بالبحث العلمي من سنوات طويلة¡ وبالتحديد منذ إنشاء المركز الوطني للعلوم والتقنية والذي تحول فيما بعد إلى مسمى المدينة التي سعت إلى التركيز على الأبحاث العلمية المجتمعية والتقنية على وجه الخصوص خدمة لأهداف خطط التنمية الخمسية المتعاقبة. ومثل العام 1423 نقلة نوعية للمدينة بعد الموافقة السامية على وثيقة السياسة الوطنية للعلوم والتقنية في المملكة بالاشتراك مع وزارة الاقتصاد والتخطيط. وكان هدف هذه السياسة تحويل المملكة إلى مجتمع معرفي واقتصاد قائم على المعرفة بحلول العام 2025م.
ومع أن المملكة سعت إلى دعم الأبحاث العلمية في الجامعات والجهات البحثية الأخرى إلى أكثر من 30 ضعفاً منذ اعتماد تلك السياسة حيث تضمنت تمويل أبحاث التقنيات الاستراتيجية في الجامعات ومراكز البحث¡ وإنشاء واحات تقنية وطنية كبرى على مستوى المملكة¡ ومراكز للابتكار التقني¡ وحاضنات تقنية¡ وتجهيزات بحثية مركزية¡ إلا أننا لم نشهد تأثير هذه البرامج على تطوير العمليات البحثية في المجتمع وفقاً لأهداف السياسة الوطنية التي تهدف إلى الانتقال إلى مجتمع المعرفة¡ وما زلنا ننتظر ربطها فعليا مع رؤية المملكة 2030 الطموحة.
وربما من المشكلات التي يعانيها تطوير البحث العلمي في المملكة¡ مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية المسؤولة نظاميا عن تطوير البحث العلمي¡ فلنا أن نتساءل ما النتائج التي تحققت من تنفيذ وثيقة السياسة الوطنية للعلوم والتقنية ونحن على أبواب 2020¡ والمدينة كما تقول تصريحات مسؤوليها لديها ثمانية برامج رئيسة¡ وأربعة وعشرون برنامجاً فرعياً¡ ومئة وواحد وتسعون مشروعاً وطنياً جميعها تندرج ضمن السياسة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار¡ بلغت تكلفتها نحو ثمانية مليارات ريال¡ وهذا قبل حتى اعتماد الرؤية.. فماذا عن مصير هذه المراكز والواحات وهل حققت فعلا ما نطمح إليه في تطوير العلوم والتقنية والتحول إلى المجتمع المعرفي التي هي أحد أهم أساسيات الرؤية¡ وهل تم ربط هذه البرامج مع الرؤية¿ كما أن من المعروف أن معظم الجامعات السعودية وخاصة الكبرى منها يتوفر فيها مراكز وبرامج بحث وطنية ذات علاقة بشكل أو بآخر بمدينة المك عبدالعزيز فما طبيعة هذه العلاقة¿ وكيف يتم التنسيق بين الجامعات والمدينة¿
أسئلة متعددة قد لا تتوفر عنها إجابات شافية في الوقت الحاضر¡ فالحديث عن تطوير البحث العلمي حديث ذو شجون¡ فالبحث العلمي ما زال يعاني من التداخل بين اختصاصات مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووظيفة الجامعات في دعم البحث العلمي¡ وهذا يقود إلى اقتراح تكرر طرحه أكثر من مرة سواء على المنصات الإعلامية أو في الندوات والمؤتمرات المتعلقة بتطوير البحث العلمي¡ وهذا الاقتراح يتمثل في إنشاء هيئة عليا للبحث العلمي¡ أو وزارة متخصصة في البحث العلمي تتولى تنسيق الجهود بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والجامعات¡ وتحدد الأولويات البحثية بالتركيز على التخصصات العلمية والتقنية المتقدمة¡ وتكون لها رؤية تكاملية وشاملة¡ وتسعى إلى تطوير البنى المؤسسية للتعليم والبحث العلمي وربطها مع احتياجات المجتمع والتنمية الاقتصادية من جهة¡ والجامعات ومراكزها البحثية من جهة أخرى¡ وتتوافق مع رؤية المملكة لتسهم في توجيه مسارات العمل البحثي على كافة مستوياته.




http://www.alriyadh.com/1743233]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]