قبيل الهجوم الإرهابي البشع على مسجدي نيوزيلندا بيوم¡ نشرت قناة BBC خبراً عن تلقي مجموعة من السياسيين والفنانين والحقوقيين في ألمانيا¡ ما يفوق مئة رسالة إلكترونية تحمل تهديدات كتبها على ما يبدو مجموعة من «النازيين الجدد». وفي أعقاب الهجوم¡ خرج السيناتور الأسترالي فريزر أنينغ ببيان عنصري «أخرق» وجه فيه اللوم على المسلمين المهاجرين والإسلام الذي وصفه بـ «أصل أيديولوجية العنف»¡ المرعب أن هناك عدداً كبيراً من متابعي السيناتور قاموا بتفضيل وإعادة تدوير تغريداته العنصرية.
بعد ساعات من حادثة نيوزلندا¡ باشرت الشرطة البريطانية اعتداءات لمجهولين هاجموا حشداً من المسلمين بالعصي والمطارق أمام أحد المساجد شرقي لندن. وقبل كل هذا شهدت الأعوام الماضية تزايداً كبيراً في التوجه نحو أقصى اليمين¡ وإحياء بعض البيض لادعاءات تفوقهم العرقي على الآخرين.
الصورة ليست شديدة القتامة¡ فالتفاعل الدولي مع حادثة المسجدين وصور التعاطف التي تناقلها الناس من مختلف الأديان والأعراق كانت غامرة ومفعمة بالإنسانية¡ لكن هذا التزايد في أعداد المؤمنين بأيدلوجيا اليمين المتطرف¡ وتفاقم المنتمين للنازيين الجدد يقرع أجراس الخوف من موجة دموية جديدة تنتظر الإنسانية بعد كمون المد الداعشي الذي ما زالت وحشيته طازجة في ذاكرتنا.
قضية اليمين المتطرف وتوحش المؤمنين بمبادئه هي في مرحلة إعادة تشكل وتكون¡ وإذا لم تُضرب أساساتها في هذه المرحلة فإنها ستتعملق وتتعاظم إلى مرحلة تصبح فيها تحدياً كبيراً للسلام العالمي. المؤشرات تقول: إن هذه الظاهرة تنتقل من مرحلة الممارسات الفردية إلى العمل المنهجي المنظم والتجنيد والحشد¡ خصوصاً مع وجود متنفذين ومنظمات ترعاها مثل «معهد السياسة الوطنية» الذي يرأسه ريتشارد سبينسر¡ صاحب مصطلح «البديل الأبيض»¡ وجماعة «ناشيونال أكشن» وغيرهم.
وأخيرًا¡ يجب ألا تترك جريمة المسجدين والدماء البريئة التي سفكت فيها للنسيان¡ بل على العالم أن يتحرك بكل طاقته عبر السياسيين¡ الفنانين¡ الإعلامين¡ المفكرين¡ مؤسسات المجتمع المدني¡ وفوق ذلك كله أباطرة مجتمع الإعلام الافتراضي¡ توتير¡ فيسبوك¡ يوتيوب وغيرها¡ لمواجهة هذه الموجة. يجب أن تعطى الحرب على التطرف في كل دين ومذهب وأيدولوجيا أولوية قصوى¡ وأن تتم شيطنة عرابيها من كل عرق أو دين. يجب أن نتعلم من درس داعش¡ وأن التهاون مع الأيديولجيا الوحشية في بدايات تشكلها يجعل البشرية تدفع ثمناً باهظاً في محاربتها عندما تتعملق.




http://www.alriyadh.com/1744427]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]