هيئات تطوير المدن وأماناتها مطالبة بمكافحة التلوث السمعي¡ ومنه إدخال تعديلات على مشروعاتها¡ ومنه عزل الجسور التي تقع داخل المدن¡ وتقليل عدد المداخل إلى الحارات مع وضع سرعة محددة..
كنت في زيارة لمدينة أوسلو عاصمة بولندا¡ ولفت انتباهي وجود عازل زجاجي يحيط بجسور الطرق من كل جانب خاصة تلك الجسور التي تقع داخل المدن وفي محيطها¡ سألت مرافقي عن سبب وجود هذه العوازل¡ أجاب أنها لمنع الضوضاء التي تحدثها المركبات من الوصول إلى المساكن والمتاجر والمرافق العامة القريبة من الجسر¡ فكرة جميلة وغير مكلفة خاصة أننا نضع أشكالاً جمالية تحيط بالجسور فكيف غابت عن المخططين والمشرفين على تلك المشروعات في هيئات تطوير المدن والأمانات ووزارة النقل.
اللفتة الثانية التي تدل على وعي الدول الأوروبية بأضرار التلوث السمعي هو منع نزول الطائرات في المطارات القريبة من المساكن بعد الساعة العاشرة ليلاً وحتى السادسة صباحاً حفاظاً على راحة الساكنين قرب مسار الطائرات أثناء الإقلاع والهبوط.
أما في برلين عاصمة ألمانيا والتي قسمتها الحرب العالمية الثانية ووحدتها القوة الناعمة وإرادة الشعب فقد وجدت أنها من أجمل المدن وأكثرها هدوءاً وانضباطاً¡ فبالإضافة إلى عنايتهم الفائقة بالشجرة فقد حددوا السرعة داخل الأحياء بـ 50 كلم في الساعة وتنقص إلى 30 كلم بين الساعة العاشرة والسادسة صباحاً لتقليل الأصوات التي تحدثها السيارت داخل الأحياء¡ لقد خيّل لي في ذلك المساء وكأن سيارتنا تمشي على أطراف أصابعها خشية إيقاظ النائمين.
على النقيض من ذلك فالأصوات العالية والصخب ينتشر في مدن المملكة وخاصة في الليل مما يزعج الساكنين بالقرب من الطرق الرئيسة داخل المدن¡ وحتى داخل الحارات التي يخلو معظمها من لوحات تحديد السرعة ومراقبتها سواء من رجل المرور أو الكاميرات التي ترصد السرعة.
والأسوأ هو حين يقوم بعض الشباب بتعديل سياراتهم لتحدث أصواتاً مزعجة أو قيام أصحاب الدراجات النارية ذات الأصوات العالية بالسير داخل المدن¡ وفي حديث مع شباب تجمعوا آخر الليل في حديقة يرتادها أهالي الحي سألتهم عن سرّ هذه الأصوات المزعجة والتي لم ألاحظها إلا هنا أجابوا أن بعضها يعدل محلياً والبعض الآخر مستورد¡ حاولت أن أشرح أضرار الأصوات العالية عليهم قبل غيرهم فأجاب أحدهم وفي منتهى الأنانية: في الداخل لا نسمعها¡ يسمعها من في الخارج فقط.
ضمن أهداف برنامج جودة الحياة هو أن تكون ثلاث من مدن المملكة من بين أفضل مئة مدينة في العالم في العام 2030¡ أما اليوم فتحتل الرياض المركز 166 في جودة الحياة من بين مدن العالم¡ وهو ما يعني أن نبدأ من الآن ونبذل الكثير من الجهد لتحقيق جودة الحياة ومنه ما يأتي:
أولاً: هيئات تطوير المدن وأماناتها مطالبة بمكافحة التلوث السمعي ومنه إدخال تعديلات على مشروعاتها ومنه عزل الجسور التي تقع داخل المدن وتقليل عدد المداخل إلى الحارات مع وضع سرعة محددة ووسائل مراقبتها لضبطها مع إكثار الأشجار الكبيرة التي تخفف من الضوضاء وتكافح التلوث.
ثانياً: لا يوجد جهاز حكومي أهم وأحوج من المرور للتطوير ليس في تعميم الرصد الآلي فقط¡ ولكن في العنصر البشري قبل أي شيء آخر¡ أتذكر قصة ذلك الطالب الذي أوقفه المرور في إحدى المدن الأميركية وأعطاه مخالفة لرفعه صوت الموسيقى¡ وحين حضر الطالب إلى المحكمة وجد أمامه رجل المرور ومعه رسم بياني يوضح مكان وقوفه ومكان سيارة الطالب مع حساب المسافة والوقت¡ ورغم أن القاضي خفف الحكم إلا أن الطالب دفع الكثير من مرتبه البسيط وأصبح درساً له ولزملائه¡ لذا أقترح أن يركز في تطوير المرور على رجل المرور العامل في الميدان وإيجاد مرور موازٍ لما هو موجود يكون لباسه وتدريبه وتجهيزه على غرار ما نراه لدى رجال المرور في الدول المتقدمة ولا يخضع للرتب العسكرية كما هو موجود حالياً¡ بل يكون لهم رتبهم الخاصة ومرتباتهم وميزاتهم التي تتيح استقطاب أفضل الكفاءات وإبقائها أطول وقت ممكن في الميدان¡ فرجل المرور يمثل هيبة الدولة وهو المسؤول الأول عن ضبط النظام وسلامة المواطن وراحته وأمنه.
عرفت عن أضرار التلوث السمعي من أنظمة الطيران¡ فلا تخرج إلى خط الطيران إلا ومعك واقيات الأذن لمنع الضرر الذي تحدثه محركات الطائرات والمعدات داخل خط الطيران لذا فالتلوث السمعي بحاجة إلى جهد جماعي من قبل برامج الرؤية ومن جميع الوزارات والهيئات المعنية ومنها وزارة التجارة والجمارك والمواصفات والمقاييس.




http://www.alriyadh.com/1749307]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]