يدرك المرء تماماً ما يدور بخواطره ويفعل المستحيل ليحقق بعضاً منها¡ ولكي نلقي الضوء أكثر ونوضح أن ممارساته المستحيلة قد تجعله لا يركز نحو الهدف وربما يخطئ تماماً بلمح البصر.
تصرفاته وحدها تكشف عن مدى صبره في تحقيق مبتغاه¡ فالبعض لا ينتظر إلى نهاية الطريق¡ وإنما يحاول الاختصار بأي وسيلة كانت¡ وهو لا ينتظر ولا يتوانى إن وجد وسيلة تحقق غايته بسرعة¡ ومهما كانت هذه الوسيلة قانونية أو مخالفة للقانون والأخلاق العامة فمظهر الشيء لا يهم وإنما تحقيق الهدف.
فالعرف القائل إن الأنانية هي مصدر الشرور فهذا القول لا يكفي في تشخيص ظاهرة الجريمة¡ وإنما العجلة وعدم الصبر والتروي تفقد الإنسان خواصه المركزية في التحلي بالعقل أو بصحيح العبارة التفكير في إعمال العقل.
كل البشر شركاء في العواطف بجميع الأعمار والأجناس وكل منا يحمل بصمة "الأنا" وكل إنسان مسؤول عن نسخته البشرية بصفاتها وعاداتها. والذي يربك العقل ولا يعطيه فرصة للمراجعة هو الاستعجال في اتخاذ القرارات¡ وإن كانت هذه القرارات صالحة وتحمل الخير للناسº لكن تطبيقها لا يتناسب إلا في اكتمال الشروط المراد تحقيقهاº بالإضافة لعامل الزمن واختيار المكان المناسب.
وهناك أقوال كثيرة عن مصدر نشوء الجريمة وأشهرها الفوارق الطبقية الاجتماعية خاصة بين الغني والفقير وأن الأخير تدفعه الحاجة إلى ارتكاب أبشع الجرائم بسبب فقره المدقع¡ بالإضافة لفقدان تعليمه وعدم مشاركته كفرد من المجتمع مما يسبب كنوع من الحرمان الاجتماعي ويشعر مع أقرانه أنهم على هامش بعيد من المجتمع.
هذه النظرية تحمل الكثير من الصحةº خاصة لو قسناها على بعض الدول الفقيرة نجد الجريمة متمثلة فيها بشكل ظاهر من فقرائها. وهذا لا يعفي أن الغني لا جريمة له وإنما يكفي احتكاره للأسعار وارتفاعها مما يسبب في تفشي ظاهرة الغلاء¡ ويسبب أيضاً للإنسان السوي والمعتدل ربكة في حياته ويفكر بمنطق الجريمة.
بهذا يتضح أن الجريمة ليست حكراً على فرد دون فرد سواء كان متعلماً أو غير متعلم¡ غنياً أو فقيراً. إنما الاستعجال في بلوغ الغاية وخاصة الحصول على الأموال بأي وسيلة كانتº تدفع صاحبها لارتكاب أبشع الجرائم دون الإحساس والشعور بالضمير أو العواقب القادمةº لأن الغاية سيطرت على كل حواسه وتفكيره¡ ونسي نفسه أنه إنسان يمكنه أن يعيش على بساطة واقتدار.




http://www.alriyadh.com/1749312]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]