لقد أحس العالم بالقوة الخفية التي تقف خلف اتفاقية المناخ -للمرة الأولى- في مؤتمر برلين العام 1995 (وقد كنت شخصياً**حاضراً المؤتمر) عندما احتل المتظاهرون (أنصار المناخ) قاعة الاجتماعات الكبرى عِنْوَةً رغم الحراسة المُشدّدة. مُطالبين الحكومات بإصدار بروتوكول يُلزم الدول بخفض حرارة المناخ وفق نسب وجداول زمنية مُحددة.
لقد حدث احتلال القاعة فجأة من جميع جوانبها ومن سقفها في الدور الثاني ومن تحت مقاعد المندوبين. أثناء إلقاء رئيسة المؤتمر وزيرة البيئة حينذاك (ورئيسة حكومة ألمانيا الآن) السيدة أنجيلا ميركل خطابها في جلسة افتتاح مؤتمر الأطراف الأول (COP-1). الذي وضع حجر الأساس لما تلاه من مؤتمرات سنوية. أشهرها مؤتمر كيوتو (COP-3) العام 1997 حيث صدر بروتوكول كيوتو¡ ومؤتمر كوبنهاجن**(COP-15) العام 2009 الذي تآمرت قُبيل انعقاده بعض شركات البترول ضد علماء المناخ¡ ومؤتمر باريس (COP-21) العام 2012 حيث صدرت بالإجماع اتفاقية باريس للمناخ. ومن المقرر أن يُعقد هذا العام (COP-25) في تشيلي خلال الفترة 11 – 22 نوفمبر 2019.
كان من الواضح منذ نشأة اتفاقية المناخ بأنه يوجد صراع مكشوف بين أنصار المناخ وبعض شركات البترول (بزعامة إكسونموبيل) التي كان لها نشاط واضح ضد اتفاقية المناخ بحضورهم خارج قاعات الاجتماعات الرسمية. ومحاولتهم تحريض بعض مندوبي دول أوبك على إعاقة مسار الاتفاقية بحجة أن الاتفاقية مؤامرة تستهدف بترول أوبك وحدهم.
بمرور الزمن أدركت شركات البترول أنه لا قبل لهم بمواجهة التيار الجارف الذي يتزايد بتأليب الرأي العام العالمي ضدهم. لا سيما بعد ما بدأ أنصار المناخ حملتهم القوية في مؤتمر باريس يطالبون بالتخلي كلياً عن الوقود الأحفوري وتركه مدفوناً تحت الأرض. والتحول إلى استخدام مصادر الطاقة النظيفة (على حد تعبيرهم). ورغم أن هذا الطلب يكاد يكون مستحيلا لكن استطاع أنصار البيئة إقناع كبار المستثمرين بالتخلي عن الاستثمار في شركات البترول. وفعلاً بدأ كبار المستثمرين كصندوق نيويورك للمتقاعدين وصندوق النرويج للمتقاعدين وصندوق الكنيسة الإنجليزية ببيع أسهمهم في شركات البترول.
الآن تحوّلت شركات البترول العالمية من المواجهة المعاكسة لأنصار البيئة إلى محاولة إيجاد الحلول للتغلب على الحملات المعادية لها. فلقد ألقى مؤخراً الرئيس التنفيذي لشركة إكسونموبيل محاضرة في هيوستن تبدو أنها فعلاً خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة مشكلة المناخ التي يجب إيجاد حل لها. لقد كان رئيس إكسونموبيل صادقاً عندما قال إن الحل لمشكلة المناخ ليس بالتحول إلى الطاقة الشمسية والرياح. ولا بعقد الاتفاقيات بين الحكومات وحرمان الشعوب من الطاقة. وإنما الحل الصحيح هو في داخل المعامل والمختبرات. وبأن إكسونموبيل مُستعدة للتعاون مع إدارة الطاقة الأميركية للقيام ببحوث علمية لإيجاد تكنولوجيا للتخلص من الكربون.




http://www.alriyadh.com/1756335]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]